السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصيدة ربما البعض يعرفها منذ زمنٍ طويل والبعض الآخر قد عرفها من المسلسل الإماراتي الكرتوني (فريج)..
كعادته مر سريعاً، لم يلحظ أن أحدا يرقبه ويتابع سيره، ولو لاحظ فإنه لا يهتم كثيراً، فـ كثيرة هي العيون التي تترصده وتسكنها الحيرة من حركة الباص في مثل هذا الوقت.
كانت الساعة قد جاوزت الثالثة مساءً، وكان سائق الباص يقود شاحنته مسرعاً، ويتوقف عند كل بيت. ضجيج الباص وصوت المنبه المرتفع، يجعل السيدات يتحركن مسرعات ليلحقن به قبل أن يتحرك.
في كل يوم ماعدا يوم الجمعة، وفي الموعد نفسه، يأتي الباص ويكرر فعلته. كانت الحياة وقتها بسيطة في صورتها ومتطلباتها. الأحياء السكنية عبارة عن (فرجان) متقاربة، يصل بين أطرافها شوارع طينية ضيقة تحتمل مرور المركبات في اتجاه واحد فقط، أو بدايات مشاريع طرق اسفلتية جديدة، وكانت السيارات التي تدخل وتخرج من هذه الأحياء معدودة، وعندما يتحرك باص مدرسي في هذه الطرقات فان ارتفاعه يكون اكبر من علو حجم المساكن، فيشعر به الاهالي وهم داخل بيوتهم. وعادة احياء الماضي إنها ساكنة صامتة، وطبيعتها هذه تجعلها تلتقط الأصوات عن بعد.
كان ذلك في بدايات السبعينيات، عندما قامت الدولة، وانطلق مشروع محو الأمية وتعليم الكبار.
محمد بن سوقات رحمة الله عليه، كان من أولئك الذين لفت نظرهم حركة باص المدرسة في هذه الساعة المتأخرة، فماذا جاء يعمل وطلاب المدارس قد انتهى دوامهم وعادوا الى منازلهم مع أذان الظهر، لماذا يعود في العصر، ولماذا السيدات يقفن في انتظاره، وأين يذهب بهن؟
ظل يتابع هذه العملية المتكررة كل يوم، سأل وعرف عن مشروع التعليم الجديد.
أثار استغرابه، وأثار أيضا شاعريته، فكانت فكرة وموضوعاً ساخنًا له في شعر الهزل الذي يجيد فنه، وينتمي له كأستاذ مبدع له مدرسته وجمهوره.
فتولدت من حركة الباص ومشروع تعليم محو الأمية قصيدة تعتبر من اشهر القصائد الساخرة في شعر الإمارات، لم تبق منطقة في ارض الوطن إلا ورددتها، فكانت على ألسنة الصغار والكبار معاً.
وبعد أن أطلق بن سوقات (بص العيايز) تحولت من مجرد قصيدة إلى تاريخ، والى قصة وردود وجدل واسع.
يقول الشاعر محمد بن سوقات في هذه القصيدة:
بصّ الـعيايز مرّ مشـــحون يتعلـمن كتبــه وقرايــه
ادخل حسن واظهر ياحسون اكتبو لهم ديك وديايه
الكبـــار مايحتاج يقــرون عيــالـهم عنهــم كـفــايه
يوم أنهيو وانوو يدشّون صرّوا البراقع فـي الوقايــه
يبغـــن وظيفـــة تلفزيـــون والا مهنــدس للبناــيه
عيـالهم باتــوا يصيــحون وحق الريل قالــوا برايـــه
حمد بن سوقات الشاعر والشقيق الاكبر، كان هو أول المعترضين على قصيدة (بص العيايز)، وعرف انها ستولد مشاكل لشقيقه، من الجنس اللطيف، الذي لايمكن لشاعر أن يفكر في إثارة غضبهن!!
فـ قرر أن يقف معهن ضد شقيقه مدافعاً وناصحاً ومتغزلاً.
يقول الشاعر حمد بن سوقات في رده:
يا الاخو كلهـــن مزايينـــا صغــــار ســـن وسولعيّاتــــي
مابلغن من العمــــر عشرينـــا لا تــــزوّر قـــول وبهاتـي
لي اظهرن في البص ماشينا من الدجر يمشن بكيفاتي
من حديث العلــــم باغيـــنا هندســــة او جولجياتـــــي
الوعد من عقب ســـنتينا الكــــل فايــــز بالشهاداتـــي
كلهن دانات والجيــــنا كامــــلات الحســـــن تلعاتـــــي
وانت مالك حد امعيـــنا خل عنّـــك هـــــا الدعاياتـــــي
صوتوا باسمي ملاييــنا وانتـــه مالــك صوت هيهاتــــي
لم يستسلم محمد، ولم يتنازل عن رأيه في راكبات الباص المسائي، ودخل شاعر آخر معهما هو المرحوم ثاني بن عبود، وكبرت دائرة المساجلات الشعرية بين الشعراء الثلاثة. وصارت القصيدة قضية
وصدق كنا صغار يوم كان باص المدرسه ياخذ حريم الفريج يوديهن المدرسه ويجن في الليل بعد صلاة العشاء ومنهن مرت عمي وبنت جيرانا و وايد والله ما اذكرهن والله يرحم ( جابر بوميان ) ويغفرله كان سواق الباص انا ذاك, والله يرحم ابوي كان ايسلم على جابر ويقوله ياي تاخذ العيايز وهاذاك يضحك وبوي يردد قصيده بن سوقات الله يرحمه مال باص العيايز.
الله يرحمهم جميعهم قدوا ويرحمنا اذا عدنا اليه .
انا الصراحة اييد رايه عرف يعبر بشكل وااايد حلو.
الله يرحمه ويوسع قبره ويجعل مثواه الجنه.