تخطى إلى المحتوى

هل صحيحٌ أنّ خِدمة المرأة لزوجها غير واجبة شرعا ؟

  • بواسطة

هل صحيحٌ أنّ خِدمة المرأة لزوجها غير واجبة شرعا ؟

السلام عليكم
قرأت موضوع وأريد الشيخ حفظه الله أن يفصل فيه .
جمهور العلماء يقول أنه لا حق للزوج على زوجته
قد تسمعون أحياناً عن حوادث طلاق أو ضرب للزوجة من قبل الزوج بسبب أمور تافهة مثل (عدم طبخ الغداء) أو (تأخير الغداء) أو (حرق الغداء) وغيرها من تلك الأمور . وعندما تسألهم عن سبب ذلك التصرف يكون القول : (لأنها أهملت في واجباتها الشرعية) !
لا تعليق على ذلك الرد . ولكن هل فكر أحدكم يوماً من الأيام عن الحكم في خدمة الزوجة لزوجها من الناحية الشرعية ؟ (وليس من الناحية العرفية) ؟
يكون السؤال على النحو التالي : هل يجب على المرأة (شرعاً) الطبخ لزوجها ؟ أو تنظيف البيت أو الملابس ؟؟
أنقل لكم ما يلي وستعرفون الإجابة بأنفسكم .
جمهور العلماء يقول أنه لا حق للزوج على زوجته في هذه الأمور إلا أن تقوم بها مختارة دون إلزام .
مذهب الحنفية: قال الإمام الكاساني في (البدائع) : ( ولو جاء الزوج بطعام يحتاج إلى الطبخ والخبز فأبت المرأة الطبخ والخبز لا تجبر على ذلك، ويؤمر الزوج أن يأتي لها بطعام مهيأ.
ومن ذلك ما ورد في (الفتاوى الهندية في فقه الحنفية) : ( وإن قالت لا أطبخ ولا أخبز لا تجبر على الطبخ والخبز، وعلى الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ أو يأتيها بمن يكفيها عمل الطبخ والخبز).

مذهب المالكية: جاء في الشرح الكبير للدردير: ( ويجب عليه إخدام أهله بأن يكون الزوج ذا سعة وهي ذات قدر ليس شأنها الخدمة، أو هو ذا قدر تزري خدمة زوجته به، فإنها أهل للإخدام بهذا المعنى، فيجب عليه أن يأتي لها بخادم وإن لم تكن أهلاً للإخدام أو كانت أهلاً والزوج فقير، فعليها الخدمة الباطنة، ولو غنية ذات قدر من عجن وكنس وفرش وطبخ له لا لضيوفه فيما يظهر، واستقاء ما جرت به العادة وغسل ثيابه).
مذهب الشافعية: جاء في (المهذب) في فقه الشافعية لأبي اسحق الشيرازي- رحمه الله- ( ولا يجب عليها خدمته في الخبز والطحن والطبخ والغسل وغيرها من الخدم لأن المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع، فلا يلزمها ما سواه).
مذهب الحنابلة: قالوا: ( وليس على المرأة خدمة زوجها من العجن والخبز والطبخ وأشباهه ككنس الدار وملء الماء من البئر، نصّ عليه أحمد؛ لأن المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع بها، فلا يلزمها غيره كسقي دوابه وحصاد زرعه)، ولكنهم مع هذا قالوا: ( لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة بقيامها به، لأنه العادة ولا تنتظم المعيشة من دونه ولا تصلح الحال إلا به).
يعني احترم نفسك وحطلها بدل الخدامة 10

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحَفِظَك الله وَرَعَاك .

أولاً : مِن الخطأ أن يقع الطلاق بسبب هذه الأمور اليسيرة ، بل قد يكون بعضها تافِها !

ثانيا : من الخطأ أن يُقال : إن ذلك هو مذهب الجمهور ، فإن ناقل ذلك إنما نَقَل ما يُريد وترك ما لا يُريد ، بل ترك الصحيح ، وما دلّ عليه الدليل ، وهو خِلاف ما قاله .

فالصحيح أن خدمة المرأة لزوجها واجبة ، وقد نصّ العلماء على أنهه لو كان مثلها يُخْدَم ، فإنها تُخْدَم ، وأنه لو كان مثلها ترعة الغنم ، فإنها ترعى الغنم !

قال أبو ثور – من الحنفية – : على الزوجة أن تخدم الزوج في كل شيء .
وقال ابن حيب – من المالكية – : إن النبي حكم على فاطمة عليها السلام بخدمة البيت كلها .
وقال ابن قدامة في " الشرح الكبير " : وليس على المرأة خدمة زوجها في العجن والخبز والطبخ وأشباهه ، نص عليه أحمد . وقال أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني : عليها ذلك ، واحتجا بقصة عليّ وفاطمة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت وعلى عليّ ما كان خارجا من البيت مِن عَمل ، رواه الجوزجاني من طُرُق .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وتجب خِدمة زوجها بالمعروف مِن مثلها لِمِثْلِه ، ويتنوّع ذلك بتنوع الأحوال ؛ فَخِدْمة البدوية ليست كخدمة القروية ، وخدمة القويه ليست كخدمة الضعيفة . قاله الجوزجاني من أصحابنا وأبو بكر بن أبي شيبة .

وقد عقد ابن القيم فَصْلاً في حُكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها ، قال فيه :
قال ابن حبيب في الواضحة : حَكم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ، فَحَكم على فاطمة بالخدمة الباطنة ، خدمة البيت ، وحَكم على عليّ بالخدمة الظاهرة ، ثم قال ابن حبيب : والخدمة الباطنة العجين والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله . وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " : أَنّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَتَتْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَشْكُو إلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدَيْهَا مِنْ الرّحَى وَتَسْأَلُهُ خَادِمًا ، فَلَمْ تَجِدْهُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، فَلَمّا جَاءَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَخْبَرَتْهُ . قَالَ عَلِيّ : فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ : مَكَانَكُمَا ، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتّى وَجَدْت بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي ، فَقَالَ : أَلا أَدُلّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمّا سَأَلْتُمَا ؟ إذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبّحَا اللّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَكَبّرَا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ . قَالَ عَلِيّ : فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ . قِيلَ : وَلا لَيْلَةَ صِفّينَ ؟ قَالَ : وَلا لَيْلَةَ صِفّينَ .

وصح عن أسماء أنها قَالَتْ : كُنْت أَخْدِمُ الزّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ كُلّهِ ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوسُهُ ، وَكُنْت أَحْتَشّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ . وَصَحّ عَنْهَا أَنّهَا كَانَتْ تَعْلِفُ فَرَسَهُ ، وَتَسْقِي الْمَاءَ ، وَتَخْرِزُ الدّلْوَ ، وَتَعْجِنُ ، وَتَنْقُلُ النّوَى عَلَى رَأْسِهَا مِنْ أَرْضٍ لَهُ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ .
فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَأَوْجَبَ طَائِفَةٌ مِنْ السّلَفِ وَالْخَلَفِ خِدْمَتَهَا لَهُ فِي مَصَالِحِ الْبَيْتِ … وَاحْتَجّ مَنْ أَوْجَبَ الْخِدْمَةَ بِأَنّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ مَنْ خَاطَبَهُمْ اللّهُ سُبْحَانَهُ بِكَلامِهِ .

وأما ترفيهُ المرأةِ ، وخدمةُ الزوج ، وكنسُه ، وطحنُه ، وعجنُه ، وغسيلُه ، وفرشُه ، وقيامُه بخدمة البيت ، فَمِنَ المنكر ، والله تعالى يقول : ( وَلَهُنّ مِثْلُ الّذِي عَلَيْهِنّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وَقَالَ : (الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَاءِ) ، وَإِذَا لَمْ تَخْدِمْهُ الْمَرْأَةُ بَلْ يَكُونُ هُوَ الْخَادِمَ لَهَا فَهِيَ الْقَوّامَةُ عَلَيْهِ .
وَأَيْضًا : فَإِنّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ ، وَكُلّ مِنْ الزّوْجَيْنِ يَقْضِي وَطَرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ، فَإِنّمَا أَوْجَبَ اللّهُ سُبْحَانَهُ نَفَقَتَهَا وَكُسْوَتَهَا وَمَسْكَنَهَا فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا وَخِدْمَتِهَا ، وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الأَزْوَاجِ .
وَأَيْضًا فَإِنّ الْعُقُودَ الْمُطْلَقَةَ إنّمَا تُنَزَّلُ عَلَى الْعُرْفِ ، وَالْعُرْفُ خِدْمَةُ الْمَرْأَةِ وَقِيَامُهَا بِمَصَالِحِ الْبَيْتِ الدّاخِلَةِ .
وَقَوْلُهُمْ : إنّ خِدْمَةَ فَاطِمَةَ وَأَسْمَاءَ كَانَتْ تَبَرّعًا وَإِحْسَانًا ، يَرُدّهُ أَنّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَشْتَكِي مَا تَلْقَى مِنْ الْخِدْمَةِ فَلَمْ يَقُلْ لِعَلِيّ : لا خِدْمَةَ عَلَيْهَا وَإِنّمَا هِيَ عَلَيْك ، وَهُوَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لا يُحَابِي فِي الْحُكْمِ أَحَدًا ، وَلَمّا رَأَى أَسْمَاءَ وَالْعَلَفَ عَلَى رَأْسِهَا وَالزّبَيْرُ مَعَهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ لا خِدْمَةَ عَلَيْهَا ، وَأَنّ هَذَا ظُلْمٌ لَهَا ، بَلْ أَقَرّهُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا ، وَأَقَرّ سَائِرَ أَصْحَابِهِ عَلَى اسْتِخْدَامِ أَزْوَاجِهِمْ ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنّ مِنْهُنّ الْكَارِهَةَ وَالرّاضِيَةَ ؛ هَذَا أَمْرٌ لا رَيْبَ فِيهِ .
وَلا يَصِحّ التّفْرِيقُ بَيْنَ شَرِيفَةٍ وَدَنِيئَةٍ ، وَفَقِيرَةٍ وَغَنِيّةٍ ؛ فَهَذِهِ أَشْرَفُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ كَانَتْ تَخْدِمُ زَوْجَهَا ، وَجَاءَتْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَشْكُو إلَيْهِ الْخِدْمَةَ فَلَمْ يُشْكِهَا ، وَقَدْ سَمّى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْحَدِيثِ الصّحِيحِ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً ، فَقَالَ : " اتّقُوا اللّهَ فِي النّسَاءِ فَإِنّهُنّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ " . وَالْعَانِي : الأَسِيرُ ، وَمَرْتَبَةُ الأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ ، وَلا رَيْبَ أَنّ النّكَاحِ نَوْعٌ مِنْ الرّقّ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السّلَفِ : النّكَاحُ رِقّ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقّ كَرِيمَتَهُ .
وَلا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ الرّاجِحُ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ ، وَالأَقْوَى مِنْ الدّلِيلَيْنِ . انتهى كلامه رحمه الله .

وهو قول فصْل في المسألة .

والدليل قاضٍ على كل قول .
وإذا جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رُدّ معه كل قول ..
كما أنها إذا جاءت النصوص بطلت الأقيسة ، كما قال الإمام أحمد رحمه الله .

والله تعالى أعلم

اللهم اجعلني امرأه في خدمة زوجها
مطيعه له بعد الله ورسوله

ومنكم نستفيد

يزاج الله خير..

جزاك الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.