تخطى إلى المحتوى

[ تفسير ] : ما تفسير الآية {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون} ؟

بسمِ الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} فما هو معنى الآية ؟
وما هو المراد بالشرك في الآية الكريمة ؟
جزاكم الله خيرًا

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

المعنى : أنهم يُقِرّون بالربوبية ثم يُشرِكون باتِّخاذ الآلِهة مِن دون الله .

قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره : الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) .
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَمَا يُقِرُّ أَكْثَرُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ وَصَفَ عَزَّ وَجَلَّ صِفَتَهُمْ بِقَوْلِهِ : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) بِاللَّهِ ، أَنَّهُ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، إِلاَّ وَهُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتِهِمُ الأَوْثَانَ وَالأَصْنَامَ ، وَاتِّخَاذِهِمْ مِنْ دُونِهِ أَرْبَابًا ، وَزَعْمِهِمْ أَنَّهُ لَهُ وَلَدًا ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ علوا كبيرا . اهـ .

وقال الإمام البغوي في تفسيره : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فكان مِن إيمانهم إذا سُئِلُوا: مَنْ خلق السموات والأرض؟ قالوا : الله ، وإذا قيل لهم : مَنْ يُنَزِّل القَطْر ؟ قالوا : الله ، ثم مع ذلك يعبدون الأصنام ويُشْركون .
وعن ابن عباس أنه قال : إنها نَزَلَت في َتلبية المشركين مِن العرب ؛ كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك اللهم لبيك لبيك ، لا شريك لك إلاَّ شريك هو لك تَمْلِكه ومَا مَلَك .
وقال عطاء : هذا في الدعاء ، وذلك أن الكفار نَسُوا ربَّهم في الرخاء ، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء ، كما قال الله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الآية ، وقال تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) ، وغير ذلك مِن الآيات . اهـ .

وقال الحافظ ابن كثير : يخبر تعالى عن غَفْلة أكثر الناس عن التفكر في آيات الله ودلائل توحيده، بما خَلَقه الله في السموات والأرض مِن كواكب زاهِرات ثَوابت وسَيَّارات ، وأفلاك دائرات ، والجميع مُسَخَّرَات ، وكم في الأرض مِن قطع متجاورات ، وحدائق وجنات وجبال راسيات، وبِحَار زاخِرات ، وأمواج متلاطمات ، وقَفار شاسِعات ، وكم مِن أحياء وأموات ، وحيوان ونبات ، وثمرات متشابهة ومختلفات ، في الطعوم والروائح والألوان والصفات ؛ فسبحان الواحد الأحد ، خالق أنواع المخلوقات ، المتفرد بالدوام والبقاء والصمدية ذي الأسماء والصفات .
وقوله : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) قال ابن عباس : مِن إيمانهم ؛ إذا قيل لهم : مَن خَلَق السموات ؟ ومن خلق الأرض ؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا : "الله" ، وهم مُشْرِكون به .
وكذا قال مجاهد، وعطاء وعكرمة، والشعبي، وقتادة، والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وهكذا في الصحيحين أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك ، إلاَّ شريكًا هو لك ، تَمْلكه وما مَلك . وفي الصحيح : أنهم كانوا إذا قالوا : "لبيك لا شريك لك" يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ قَدْ" ، أي : حَسْبُ حَسْبُ ، لا تَزِيدُوا على هذا . اهـ .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
https://www.jawabk.net/vb/showthread.php?t=18027

الحمدلله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.