كيف نكتشف الخلاف الزوجي
حياتنا الواقعية لابد أن نعيشها بحلوها ومرها ، وليس الأمر يسير على وتيرة واحدة ، وإنما اللحظة الجميلة ، نحن الذين نصنعها ، ونحن الذين نواجه مشاكلها ، ونحن الذين نتجاوزها ، فالشعور بالسعادة ليس بالمجان ، وإنما نحن الذين ندفع الثمن , من أعصابنا وأوقاتنا وانفعالاتنا ، ولذلك فعبارة ( مشكلات زوجية ) ، لا بد أن تتحول بهذا المفهوم , إلى عبارة
( تحديات زوجية ) ، فالمشكلة تحوي في طياتها , الانكسار والانهزام ، أما التحدى فيعنى : المواجهة , وإرادة الانتصار ، وتحويل اللحظات اليائسة إلى بهجة وسرور .
ووفق هذا المفهوم اخترنا أن يكون عنوان هذه الحلقات ( الخلاف الزوجى ) ، بمعنى أنه ليس غريباً فى واقع حياتنا ، بل هو من طبيعة حياة كل الأزواج ، كالطعام والشراب , والمرض والصحة , والقوة والضعف ، فى حياة كل إنسان .
ولذلك فما يعترى حياتنا من خلاف زوجى طيبعى , يستدعى من كل زوجين ، الوعى بذلك أولاً ، ثم مواجهته ثانياً ، والانتصار عليه ثالثاً ، فكيف نكتشف الخلاف الزوجى , لنصلح من مسيرة حياتنا ؟
وكيف نتحصن بما يقى حياتنا من كبسولات مضادة للخلاف؟
ومن الإجابة على هذه التساؤلات , بحثنا عن أسباب الخلاف ، وأسباب تراكم الملفات المفتوحة التى اتفق عليها الخبراء فى حياتنا , وكيفية اكتشاف شخصياتنا ونحن فى الخلاف ، لا لنحكم على بعضنا ، وإنما للإصلاح والتغيير إلى الأفضل والأحسن ، وعليه وضعنا ستة أسرار لغلق أي ملف قبل أن يستفحل .
وإن كان الاختلاف بين الرجل والمرأة أمر فطرى ، فالقضية بين كل زوجين , تكون في تحويل هذا الاختلاف إلى خلاف بنّاء , وليس خلافاً هدّاماً ، فالخلاف البنّاء هو الذى يعود بالثمار والفوائد , على جوانب حياة كل زوجين ، فيواجهان الحياة بإيجابية وواقعية ، صحياً ونفسياً واجتماعياً .
وما أردنا من هذه الحلقات للزوجين إلا أن ينهضا فوراً , فيعيشان معاً , ويتمتعان معاً , وسط الخلاف الزوجى ، فليس الخلاف نهاية ، بل هو بداية لحياة جديدة ، وأيام متجددة ، حتى يختفى النكد فى بيوتنا ، ويختفى ظلم الزوج لزوجته ، وظلم الزوجة لزوجها ، فالعدل أساس حياتنا الزوجية .
وأترك كل زوجين إلى بداية جديدة :
مع الله وبالله ولله وفى الله
أسعدكم الله , وأبهج حياتكم .
كيف نكتشف الخلاف الزوجى ؟
1- الخطأ الزوجي
ما الخطأ ؟
لابد أن نفرق فى حياتنا الزوجية ، ما بين الخطأ والعيب والمشكلة ، وبهذا التحديد يمكننا أن نتعامل , فلا نكبّر خطئاً ، ولا نصغر مشكلة ، فالتعامل الواقعى بهذا التحديد يساعدنا فى إتقان فنون التعامل مع الخطأ .
والخطأ كما عرّفه الخبراء , بأنه أمر مخالف لما يجب أن يكون ، فالخطأ ضد الصواب ، بمعنى أن يفعل الإنسان أو يقول , ما لا يصلح له أن يقوله أو يفعله ، وقد يكون المقياس فى ذلك شرعياً أو إجتماعياً ، أو نفسياً .
وخُلاصة الخطأ :
هو عمل أو فعل ضد الصواب , بشرط ألا يكون متكرراً , وليس متعمدا ، فهو هفوة أو نقيصة أو غفلة أو نسيان , من غير إرادة ولا نية .
ولذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم : [ كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ] البخاري ، ولم يقل كل ابن آدم مخطئ ، لخلو الفعل من العمد , أو تكرار نفس الخطأ .
ويقول صلى الله عليه ووسلم : [ إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فل أجر ] رواه البخارى ومسلم .
فهذا تشجيع على الاجتهاد والمواصلة ، ولا يقف الإنسان عند الخطأ لمجرد أنه لم يكن صائباً .
والخطأ من قضاء الله وقدره ، والنبى صلى الله عليه وسلم , يقول : [ وإن أصابك شئ فلا تقل ، لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ] رواه مسلم .
فعلى الإنسان أن لا يلتفت إلى الوراء , وإنما ينظر إلى الأمام ، ويدرك أنه كما أن الخطأ قدر , فالصواب قدر , المعصية قدر والتوبة قدر ، الهدم قدر والبناء قدر ، الشر قدر والخير قدر ، بل إن النبى صلى الله عليه وسلم قال : [ والشر ليس إليك ] .
ومن الناحية الشرعية يمكن تعريف الخطأ : بأنه ما كان مخالفاً للحق أى للكتاب والسنة وإجماع الأمة .
أما فى حياتنا الزوجية فالخطأ وفق هذه المعانى كلها هو :
كل ما خالف الحق أو الصواب بشرط ألا يكون متكرراً أو متعمداً .
كيف نتعامل مع الخطأ الزوجي ؟
إذن لا يوجد بين الأزواج ملائكة ، وإنما الزوج بشر ، والزوجة بشر ، وإذا سلمنا بذلك , اقتنعنا بأن أحدنا ليس معصوماً من الخطأ .
فلماذا نسرف فى العتاب ؟
ولماذا نعنف في الخطاب ؟
ولماذا نتغير فى أنفسنا ؟
ولماذا نغضب فى انفعالاتنا ؟
لقد عفا النبى صلى الله عليه وسلم , عن خطأ حاطب بن أبى بلتعة , المتهم بالخيانة العظمى فى نشر أسرار للأعداء , بعد أن تبين للنبى صلى الله عليه وسلم , أنه خطأ من حاطب ، وصارت سنة نبوية ، فهذا أبو بكر الصديق يعفو عن خطأ مسطح , حين خاض فى اتهام بيت النبوة , في حادثة الإفك , التي عانت منها , أم المؤمنين عائشة التى برأها الله تعالى .
وأمام هذه السنة النبوية ، استخلص الخبراء
عشرة معايير فى التعامل مع الخطأ وهى :
1- مقدار الخطأ ( كبير ـ صغير )
2- تكرار الخطأ ـ ليس مكرراً )
3- أسبابه ودوافعه ( جهل ـ غفلة ـ سهوة )
4- تذكر الأخلاق الحسنة ( بذل ـ تضحية ـ عاطفة )
5- مدى العلاقة ( قوة ـ ضعف )
6- عمر العلاقة ( بداية ـ سنوات )
7- مكان ووقت الخطأ
8- طبيعة المخطئ ( ربما تكفيه النظرة )
9- موقف المخطئ من الخطأ ( نادم ـ غير متهم )
10 – مدى قوة إيمان المخطئ وتقواه وتعقله
الخطأ الزوجي ليس عيباً !
ووفق ما سبق فإن الخطأ ليس عيباً ، فالخطأ وارد فى حياتنا , كالهواء والماء ، ويمكن فقط تقليل الأخطاء فى حياتنا عن طريق :
الثقة بأنفسنا كزوجين ، وأن نفتح دائما أبواب السعادة فى وجوه بعضنا ، وأن نحمل دائماً الأمل فى الغد الجميل ، ولا نحول أنفسنا إلى أتعس البشر فوق الكرة الأرضية ، لمجرد خطأ عابر ، سواء كان عجزاً عن الشعور بإحساس الآخر ، أو تجاهل عن إخلاصه وصدقه وجماله .
ولذلك فانتبه أيها الزوج , وأيتها الزوجة , فقد تكون هذه الأفعال : ( من الخطأ ) دون أن ندرى بها ، فمن الخطأ :
1- أن نفقد الثقة فى أنفسنا
2- أن نغلق أبواب البهجة
3- أن نيأس من حياتنا
4- أن نسكت عن الحق والسعادة والجمال
5- أن نتصور أن أحدنا لا يهتم بالآخر
6- أن نعتقد بأن حياتنا معاً ضياع ومأساة
7- أن نشعر بأن الطرف الآخر لا يحس بنا
8- أن نقع فريسة للشكوك والهموم والأحزان
9- أن تتوقف الحياة فى أعيننا عند الفشل
10 – أن نفقد الأمل فى الغد الجديد
11 – أن نتجاهل السنوات الجميلة التى قضيناها معاً
12 – أن نقف عند الخطأ ونعتبرها نهاية الحياة
فنون تجاهل الخطأ الزوجي :
خلاصة التعامل مع الخطأ ، فى أن يتجاهله الزوجان ، وكأنه لم يقع ، حتى لا يقع على الحقيقة ، فهو سحابة عابرة وتمضى ، لا استقرار لها ولا تكرار متعمد فى حضورها>
جمال ماضي