تخطى إلى المحتوى

الحوار بين الزوجين فن و مهارة

  • بواسطة

الحوار بين الزوجين فن و مهارة
بسم الله الرحمن الرحيم

ليس هناك أجمل من التواصل والتلاحم مع الآخرين، خاصة إذا كان هذا الآخر هو شريك الحياة ونصفها الحلو فوجود الحوار يجعل للحياة قيمة ومعنى، وفقد الحوار بين الزوجين يحيل الحياة إلى صحراء تهبّ عليها رياح الجفاف ومن ثم يتسرّب الملل والفتور إلى الحياة ويضيق كل منهما بالآخر والسبب هو هذا الجسر الرائع الذي يبنيه الزوجان تحت اسم التواصل.
إن الحوار في فترة الخطبة يكون لطيفاً حتى يحصل كل منهما على قبول واستحسان الآخر، فهو حوار للتودد والتعارف، وتكون فتراته قليلة حسب ظروف كل خاطبين وحسب ما تسمح به أسرة الفتاة، وهذا شيء طبيعي يحدث بين أي خاطبين حتى ينال كل منها رضا الآخر، ويكون في اشتياق دائم للحديث معه في حوار رقيق، به بعض المجاملة، ويغلب عليه طابع العاطفة.
أما بعد الزواج يختلف الوضع عما كان عليه سابقاً حيث إنهما أصبحا معا طوال الوقت ويستطيعان أن يتحاورا معا في أي وقت وفي أي مجال، إلا أنهما لا يستثمران ذلك في صالحهما، بل يحدث العكس، ونحن لا نستطيع أن نعمم القاعدة، في أن الزواج يؤدي إلى تغير الحوار إلى الأسوأ، بل العكس قد يكون إلى الأفضل ولصالح الزوجين ويزيد من حبهما وتقاربهما، وهذا هو المطلوب، وهذا ما أنصح به أن يكون الحوار بين الزوجين بعد الزواج أكثر إيجابية عما كان عليه أيام الخطبة حتى تستمر حياتهما دون ملل أو رتابة، وحتى يسود علاقتهما الحب والتفاهم.
أما النوع الآخر من التغير الذي يكون للأسوأ وهو حال الكثير من الأسر في عالمنا العربي التي غاب طائر الحب عن سمائها عندما فقد القدرة على الاستمرار في جو خانق كئيب لا روح فيه ولا حياة.
وقد يكون التغير في الحوار، أو الجفاء في الأسلوب، أو الصمت وفقدان الحوار، لأسباب عدة منها:
1- انشغال كل من الزوجين عن الآخر، حيث ينشغل الزوج بأحواله وظروف عمله ومشاكله وتنشغل الزوجة عن الاهتمام بزوجها إلى رعاية أبنائها، فمن تعب إلى تعب ومن انشغال إلى انشغال، فأين الوقت؟ وأين الطاقة والإرادة والصبر؟ من أجل بدء وإدارة حوار أو حتى تبادل الكلام.
2- عدم وجود الحب بين الزوجين، فالحب يخلق الحوار، فقد يكون زواجهما لمصلحة أو هدف معين، وقد يكون إجباراً من الوالدين، وبالتالي تفتقد حياتهما الحوار.
3- الاعتقاد الخاطئ بأن الأفعال تغني عن الأقوال فنجد لحجتهم ألف دليل ودليل على أن الحب أبلغ من الكلام.
4- الجهل بمعنى وأهمية الحوار. هناك غياب للإدراك بأن الحوار هو عصب الحياة الزوجية، وأنه الجسر الذي تنتقل عبره المغازلات والمعاتبات والاستشارات والملاحظات.
5- تعوّد الزوجين على بعضهما فالإنسان يكون ملهوفاً على الشيء ويبذل قصارى جهده ليناله، وإذا امتلكه تعود عليه ومل منه، وهذا هو حال الزوجين بعد الزواج، فبعد اللهفة والأشواق يكون البعد والملل، وذلك يسبب عدم حرص كل طرف على أن يضفي معنى جديداً في حياة الآخر، أو إهمال أحد الطرفين في إظهار المودة للطرف الآخر.
6- كثرة المشكلات بين الزوجين سواء بسبب الأبناء أو الأمور المادية.
7- الحرص على عدم تكرار فشل سابق في الحوار، فقد تخاف الزوجة أن تطلب من الزوج ذلك، فربما يصدها أو يستخف بحديثها كما فعل في مرة سابقة، أو قد ييأس الزوج من زوجة لا تصغي، ولا تجيد إلا الثرثرة، أو لا تفهم ما يطرحه ويحكيه.
8- اختلاف ميول الطرفين في بداية حياتهما الزوجية، وذلك لاختلاف بيئتهما ويؤكد د.خضر بارون أن تغير الحوار والكلام بين الزوجين أم المشاكل في كثير من الحالات الزوجية المتأزمة، ولذلك لابد على الزوجين أن يحرصا على وجود الحوار بينهما، وذلك لأن الزواج ارتباط يدوم مدى الحياة ويزدهر مع الأيام عندما يصبح الزوجان أفضل شريكين وصديقين، والواقع أنه لو استطاع الزوجان أن يحتفظا في ظل الزواج بحب الخطبة وبهجتها، وما يتخللها من حوارات شيقة لعاشوا حياتهم في نعيم دائم، والمطلوب من كل عروسين كي يحققا سعادتهما الزوجية أن تكون معلوماتهما عن الزواج واقعية، وكما يقول علماء النفس والاجتماع: ضرورة توافر انسجام نفسي وعقلي بين الزوجين وأن يعمل كل منهما على الظهور بمظهر المرح، والاهتمام بميول شريكه ومن المعروف أن الحياة الزوجية مليئة بالأعمال المتكررة المملة، وبالمشاكل والأزمات المالية، وهذا شيء يجب أن يتقبله الطرفان من أول يوم في الحياة، والحياة الناضجة هي مزيج من الهموم والمرح والمسؤولية والترفيه وأضاف د. خضر بارون قائلاً :
إذا كان الزوجان يحتاجان إلى الحوار أيام الخطبة فهما بعد الزواج أشد حاجة إليه حتى تستقر حياتهما ويزداد تفاهمهما، وبالتالي يعيشان حياة سعيدة بإذن الله.
إن انعدام أو تغير الحوار بين الزوجين لا ينعكس أثره على الزوجين فقط، بل يتعداه إلى الأبناء، فقد يؤدي ذلك إلى نشوء أطفال انطوائيين، فاقدي الإحساس بالأسرة، لا يستطيعون التعبير الجيد عن أنفسهم، فالحياة الزوجية علاقة سامية قائمة على الشراكة، وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلم يمنعه حمل الدعوة وحمل مسؤوليات أمه بأسرها من أن يكون خير زوج وخير مؤنس لأهل بيته، فليتنا نقتدي به.
وحتى يستطيع أحد الزوجين التعامل مع طرفه الذي تغير في الحوار معه يقول د.خضر بارون: إن على كل من الزوجين أن يحاولا بقدر الإمكان المحافظة على وجود حوار دائم وفعال بينهما قائم على الود والحب، فشجرة الحب ترتوي بالحوار والكلام الجميل، وتنمو بالمشاركة الوجدانية، فعلى الزوجين أن ينظرا إلى الأسباب التي أدت إلى تغير الحوار بينهما، ويحاولا معالجتها، وعلى الزوجة بالتحديد أن تحاول تطوير العلاقة مع زوجها وخصوصاً الحوار المتجدد، وذلك لأن الزوجة بيدها مفاتيح السعادة.
الزوجة الذكية هي التي تستطيع أن تفتح مجالات متعددة للحوار مع زوجها من خلال:
• الإصرار على محاورة زوجها في كل ما يخصه ويخص حياتهما.
• أن تؤكد لزوجها أنه أهم وأكبر شيء في حياتها بعد مرضاة الله عز وجل.
• إبداء حوارات مختلفة، وممارسة هوايات سوية.
• السفر سويا في نزهة داخل البلد أو خارجها.
• استثمار الأبناء في جذب الزوج للحوار وفتح مناقشات معه.
• اختيار الموضوع الذي يتحاوران فيه، فهذا يساعد على تبادل الحوار بينهما.
• تحاول الزوجة أن يكون حوارها مع زوجها بالكلمات الرقيقة مثل ( حبيبي- عمري- روحي) فهذه كلمات تساعد على جذب الانتباه.
• الاجتماع والمحافظة على تناول الوجبات سويا مع الأولاد، فهما فرصة للحوار.
• أن يتحاورا في كل شيء مهما كان صغيراً، فهذا يزيد من التقارب والحب بين الزوجين.
وبذلك يكون تغير الحوار بعد الزواج للأفضل ويزيد من الحب والتقارب بين الزوجين.
عشر خطوات ذهبية لحوار هادئ ناجح بين الزوجين:
يذكر لنا الأستاذ جاسم المطوع 10 نقاط ذهبية يمكن الاستفادة منها لإدارة حوار ناجح بين الزوجين كما يلي: لكي يتهيأ الزوجان للمصارحة ندرج لهما «10» خطوات بها تصبح المصارحة سهلة ومقبولة:
1ـ التمييز بين الخطأ والنسيان:
إذا رسب أحد الأبناء في مادة الرياضيات مثلاً فلا يحق لأبيه أو أمه أن يسبه في شخصه، كأن يقول: إنك لا تفهم.. أو غشيم، فهنا يهاجم الشخص نفسه بتجريح وإهانة.. ولا يحاول تقويم الخطأ في نفسه، فهذا يحدث أثرًا عكسيًا.
2ـ الموضوعية:
يجب على أحد الزوجين ألا يخلط بين ما حدث في الوقت الحاضر والزمن الماضي، كأن يحدث خطأ بسيط من زوجته فينهال عليها لومًا، بأنها ومنذ زمن حدث كذا وكذا وينسى أن ينصح للخطأ نفسه فقط.
3ـ اختيار الكلمات:
الأسلوب أو انتقاء الكلمات سلاح ذو حدين: إما أن يزيد المشكلة اشتعالاً أو يقضي على الخلاف قبل تفاقمه، إذن فالوضوح مطلوب وتجنب الغموض أيضًا مطلوب في المصارحة، فعلى الزوجين ألا يحورا الكلمات، ولكن يحددان نطقهما فهو أجدى للمصارحة.
4ـ اختيار الأسلوب الهادئ المباشر:
الصوت مهم في المصارحة، أي الأفضل أن يكون هادئًا؛ لأن ارتفاع الصوت يظهر الغضب ويقطع الحوار، وكذلك إشارات الأيدي بانفعال.
5ـ التجزئة في المصارحة:
كأن يجلس الزوجان معًا، فتسأل الزوجة عن عيوبها فلا يصارحها بجميعها مرة واحدة ولكن الأفضل أن تكون مجزأة. أي كل شهر يقول واحدة.. وهكذا حتى لا تكون صعبة.
6ـ اختيار الوقت المناسب:
أنسب وقت للمصارحة متى كان الطرفان هادئين، وإذا كان أحدهما متوترًا.. فلن تكون هناك مصارحة بينهما.
7ـ العزلة:
بمعنى: لا يحق لأحد الزوجين مخاطبة الآخر عن نقص أو خطأ فيه أمام الأهل أو الآخرين أو حتى الأبناء؛ لأن هذا الأسلوب يحدث شرخًا في العلاقة الزوجية، ولكن الانفراد للمصارحة أفضل وأسلم.
8ـ البدء بالإيجابيات لا بالسلبيات:
حين يتناقش الزوجان في نقطة معينة وقعت من أحدهما لا تذكر السلبيات بداية للحوار.. وليكن الحديث عن الجانب الخير أولاً، فهذا يمهد لسماع السلبي.
9ـ الاستمرارية: متى أصارح زوجتي؟!
الإجابة: لا تؤجل المصارحة إلى وقت بعينه، كأن تقول زوجة: سوف أصارح زوجي بما فيه من عيوب بعد خمس سنوات أو بعدما أنجب أطفالاً، هذا أسلوب خاطئ، فالمصارحة لا تسوّف، ولكن تأتي من البداية تدريجيًا.
10ـ جماعية:
أي لا بد أن يكون جميع أفراد الأسرة متحلين بالمصارحة وإدارة الحوار والنقاشات؛ لأن الأسرة الفاشلة هي التي يوجد فيها فرد واحد فقط صريح.

مشكوره الغاليه ع الموضوع00

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.