قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:
(وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) ولازم ذلك أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيرا, فيكون التفقه في الدين فرضا).
و حسبك يا طالب العلم أن تستشعر منُة الله و فضله عليك باصطفائك لطلب العلم , فما كل الناس اختارهم الله لذلك.
قال ابن القيم:
(فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا و ميراثا,فهو أعلم بمن يصلح ليحمل رسالته فيؤديها الى عباده بالأمانة و النصيحة و تعظيم المرسل و القيام بحقه , والصبر على أوامره, والشكر لنعمه و التقرب اليه, و من لا يصلح لذلك.
و كذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم و حمل ما بلغوه عن ربهم .
قال عبد الله بن مسعود: ((ان الله نظر في قلوب العباد فرأى قلب محمد صلى الله عليه و سلم خير قلوب أهل الأرض فاختصه برسالته , ثم نظر في قلوب العباد فرأى قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبته)).
الى أن قال (يعني ابن القيم عليه رحمة الله):
(والمقصود : أن الله سبحانه أعلم بمواقع فضله ورحمته وتوفيقه, ومن يصلح لها ومن لا يصلح , وأن حكمته تأبى أن يضع ذلك عند غير أهله, كما تأبى أن يمنعه من يصلح له. وهو سبحانه الذي جعل المحل صالحا و جعله أهلا وقابلا , فمنه الاعداد و الامداد , و منه السبب و المسبب)).
و العلم رأس الفضائل , و لذة العلم أعظم اللذات, و من ذاق حلاوة العلم و تمتع بلذته فانه لا يستغني عنه , فحري بمن رزق هذه النعمة أن يدعو بالزيادة, و أن يشكرها لتحفظ الموجود و تجلب المفقود. و شكر هذه النعمة يكون بالعمل بها , و بثها في الناس, و السعي في رفع الجهالة عن الناس, و اشاعة الحق.
قال والدنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله معلقا على حديث : (لا تكن مثل فلان كان يقيم الليل ثم تركه)) :
( ومن ذلك-و هو أهم و أعظم -:أن يبدأ الانسان بطلب العلم الشرعي , ثم اذا فتح الله عليه بما فتح تركه , فان هذا كفر نعمة أنعمها الله عليه , فاذا بدأت بطلب العلم فاستمر الا أن يشغلك عنه شيء على وجه الضرورة , و الا فداوم لأن طلب العلم فرض كفاية, كل من طلب العلم فان الله تعالى يثيبه على طلبه ثواب الفرض).
و التهاون في مذاكرة العلم , و تضييعه و نسيانه تهاونا وتفريطا هو من كفران هذه النعمة , قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا)).
[صحيح مسلم] و في رواية : ( فهي نعمة جحدها)).
تأليف حمد بن ابراهيم العثمان
مشاركة : أبو على محمد الفاخرى