وبين قوله : (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ؟
أي أن هذا النفي يتضمن : أن العدوى لا تكون إلا من الله عز وجل ، ولهذا أورد على النبي صلى الله عليه وسلم لما حدّث بهذا الحديث : أن الرجل يأتي إبله السليمة بعير أجرَب فتجرب الإبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم رداً على هذا الإيراد : (فمن أعدى الأول؟!) ، أي : من جعل في الأول المرض ؟ ، هل هناك مريض أعداه ؟! ، والجواب : لا ، ولكن الذي جعل فيه المرض هو الله ، فالذي جعل المرض ابتداءً في المريض الأول هو الذي يجعل المرض ثانية في المريض الثاني بواسطة العدوى .
وعلى هذا فيكون معنى الحديث لا عدوى أكثر بنفسها ، ولكن ذلك بتقدير الله عز وجل ، الذي جعل لكل شيء سبباً ، ومن أسباب المرض اختلاط المريض بالسليم .
ولهذا قال : (فر من المجذوم فرارك من الأسد) لأن اختلاطك به قد يكون سبباً للعدوى فينتقل المرض من المجذوم إليك إذا اختلطت به ، ولهذا قال : (فر من المجذوم فرارك من الأسد) .
فيكون الحديث الثاني فيه الأمر بتجنب أسباب المرض وهي مخالطة المريض ولهذا جاء في الحديث (لا يُورد مُمرض على مُصح) .