إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا ً عبده و رسوله ، صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين ..
قد انتشر في هذه الأيام منشور يحتوي على معلومات – سطحية – عن حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على شكل ( جواز سفر ) !! أو ( بطاقة عائلية ) !!! قد أصدرها أحد الدمشقيين – هداه الله –
و انتشرت هذه بين أيدي الناس انتشار النار بالهشيم – كأي أمر جديد !! – مبتدع – !! – دون النظر إلى محتواها أو التبصر في حكمها أو التفكر في حالها !! و كيف يعترضوا عليها و هي نسخة للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم و عائلته بأسلوب شيق !! و جديد !! و جذاب !!! فراحوا ينشرونها طلباً للأجر بحسن نية منهم .. و سذاجة أحياناً
و قد و قعت بين يدي نسخة من طبعتها السابعة !! و الرقم التسلسلي لنسختي هو [ 1451323] !!!
فقلبتها عجلاً وإذ عليها عدد من الملاحظات تثير الريبة و الشك حولها .. فسجلتها .
و عرضك هذه النسخة – دون الملاحظات – على عدد من شيوخنا الكرام فاتفقت كلمتهم على شرها ! و وجوب التحذير منها ..
فلأجل ذلك استعنت بالله القوي العظيم و سطرت هذه الكليمات سائلاً المولى بها النصح و الإفادة ، و الملاحظات على هذه المنشورة :
أولاً :
التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم ، يكون بطلب العلم الحقيقي في مظانه الموثوقه ، و بالدعوة إلى منهجة و سنته و التأسي به ظاهراً و باطناً ، منهجاً و فقهاً و عقيدةً و خلقاً ، ولا يكون ذلك بالوسائل المخترعة و إن كانت مشوقة و جذابة و جديدة !! و لله در القائل ( إذا لم يسع واحداً من الخلف أمراً وسع السلف لا وسع الله عليه ) !!
و مع هذا ! فإن هذه الرسالة لم تأتي بأمر مفيد ، بل هو من التنطع و العبث الذي لا فائدة ترتجى منه ، فقد أغفل أموراً و جوانب مهمة في حياة النبي الكريم فلم يشر إليها أدنى إشارة و اكتفى بالسطحيات و العموميات .
فصاحبنا أشغل الناس بالمفضول ، و أشغلهم عن الإهتمام بالفاضل .
ثانياً :
لا يليق بالنبي الكريم أن نضع له شهادة ميلاد !! أو جواز سفر !! فمن نحن لنفعل هذا له ، و الله أرى فيها سوء أدب مع النبي الكريم ، فالنبي الكريم لا يصدر له جواز سفر !! أو شهادة ميلاد !! إيش هذا ؟؟ و الله هذا شيء شنيع جداً جداً ، و هذا أسلوب عبثي ، فهي طريقة منكرة و أسلوب مستهجن ، و هو أسلوب سيء حقيقته ، و فيه سوء أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم ، و أشتم منه رائحة استهزاء ، و فيه تقليل من شأن النبي العضيم المهاب الجناب مع أننا مأمورون بتوقيره و إجلاله ، و في هذا الأمر خروج ظاهر عن حد الوقار مع أن الله عز وجل قال في كتابه { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } [ النور 63]
و انظر كلام الشيخ – علي أبو هنية حفظه الله الذي نقلته سابقاً – ( * )
ثالثاً :
لما عدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و رضي ربي عنهن ، في جدول ! راح يقول هذه يهودية ! و هذه عربيه و هذه قبطية !! يشير إلى هويتهن !!!! فلماذا لماذا ؟؟؟ و أي إنطباع سيترك هذا ؟
رابعاً :
حرص كثيراً على إبراز آثار النبي – فمكان ولادته و سكنه و غير ذلك من الآثار بالصور – !! – على صغر هذه المادة !!! – على عادة الخرافيين الذين يتمسحون بالآثار المادية ! و يضربوا صفحاً عن الآثار الشرعية !! فاشتغل بهذا المفضول – الذي لا يوجد منه فائدة ترجى !! – عن الفاضل الكثير الذي لم ينوه إليه حتى !
و هذا أسلوب الخرافيين ، و وضع صوراً لآثار يزعم أنها محل معيشة النبي صلى الله عليه وسلم و كلها محض خيال و خزعبلات !
خامساً :
الرقم الذي اخترعه معد المادة ليكون رقماً تسلسلياً لهذه البطاقة !! فطريقة استمداد هذا الرقم !! من التأويل الفاسد ، و الاستنباط العجيب الذي لا يخلو من تهوكن ! .
سادساً :
فيها – على صغرها !! – غير ما حديث لا يصح !!
سابعاً :
في آخر الكتاب تحت قوله تعالى : ( إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا ) ! ذكر بنات النبي صلى الله عليه وسلم و أحفاده !! مع أن أزواجه أيضا يدخلن تحت آل بيته صلى الله عليه و سلم ! و خلاف ذلك قول لا يصح !
ولم يشر لهذا الأمر المهم جداً – في هذا الزمان بخاصة !! – و إنما لم يذكر هذه الآية إلا فوق أسماء بنات النبي و أحفاده ! فأي انطباع سيترك فعله ؟!
ثامناً :
في السماح لمثل هذه التصرفات الصبيانية فتح لباب شر ! و هو السماح لكل – واحد ! – أن يستغل شخص النبي صلى الله عليه وسلم للتسلق ! إما للوصول إلى عرش التكسب المادي ! أو التربع على كرسي الشهرة و النجومية !! .
أقول هذا ! و أنا أعرف أن هذه الرسالة فيها تذكرة لمن فقد بصرة ! فتراه لا يعرف هذه المعلومات البسيطه عن نبيه الكريم ! ففيها تذكرة لمثل هؤلاء ولكن لا ينبغي أن تكون بهذه الطريقة العبثية المستهجنة .. و إن الغاية لا تبرر الوسيلة بحال …!
فاحذروا هذه النشرة أيها الكرام ، و حذروا منها .
و الله المستعان
[ كتبه ]:
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَفِي
مُحَمَّدُ بْنُ جَمِيلِ حَمَّامِي
بَيْتُ الْمَقْدِسُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( * ) قال الكاتب:
كنت قد أرسلت نسخة للشيخ الفاضل : علي أبو هنية – حفظه ربي – مستفسراً عنها ! فبعث لي جواباً شافياً كافياً أنقله لكم بحرفه ، كتب الشيخ حفظه ربي :
( هذه الفعلة الشنيعة ، و البدعة المريعة ، مخالفة للشريعة ، وهي من صنيع من لم يعرف حق النبي صلى الله عليه وسلم حق المعرفة ، و لا قدّره حق التقدير ، فهو من العبث الذي ينزّه عنه نبينا صلى الله عليه وسلم ، و سائر أنبياء الله صلوات الله و سلامه عليهم .
و ما هكذا يكون حب نبينا صلى الله عليه وسلم
أوردها سعد و سعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ترجو النجاة و لم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
و هذا أمر لم يفعله سلفنا الصالح ، ولا قام به تابعوهم بإحسان .
و أشم من هذه الفعلة رائحة فرقتين ضالتين عن منهج الحق : الصوفية و الشيعة .
أضف إلى ذلك الأحاديث التي لا تصح و وضعت في التسويده ، و أرقام و رموز لا معنى لها ، و الله أعلم بمغزاها ,
فطوبى لمن تصدى للرد على هؤلاء الضّلال أصحاب هذا الفعل ، و قام بفضح أمرهم ، وهتك سترهم .
و لعل هذا الفعل القبيح يصل بصاحبه إلى الكفر البواح لأن فيه استهزاءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بأي أمر من الدين هو كفر لأنه لا يجتمع في قلب العبد تعظيم الله و رسوله و الاستهزاء بهما .
و الله أعلم )
" علي أبو هنية "
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
نقلا عن مدونة المسجد الأقصى السلفية
… موضوع مفيد جدا …
وشكرا على الردود الطيبة