تخطى إلى المحتوى

التوبه وحقيقتها

  • بواسطة

التوبة وحقيقتها

قال رجال السلوك: التوبة أول منزلة من منازل السالكين، وأول مقام من مقامات الطالبين.

وهي في لغة العرب: الرجوع. يقال: تاب، أي رجع. فالتوبة: الرجوع عما كان مذموماً في الشرع إلى ما هو محمود فيه.

وأجمع العلماء على أن التوبة واجبة من كل ذنب.
فإن كانت معصية بين العبد وبين الله تعالى، فلا تتعلق بحق آدمي، فلها شروط ثلاثة:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
الثاني: أن يندم فعلها.
الثالث: أن يندم على ألا يعود إليها أبدا.

فإن كانت معصية تتعلق بحق آدمي فشروطها أربعة هذه الثلاثة المتقدمة.
والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها.

فإن كان مالا، أو نحوه رده إليه. وإن كان غيبة استحله منها.
وإن كان حد قذف، أو نحوه مكنه من القصاص أو طلب عفوه.
والتوبة واجبة على الفور من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته مما تاب منه، وبقى عليه ما لم يتب منه.

ويقول الجنيد بن محمد البغدادي: التوبة على ثلاث معان: أولها: الندم. والثاني: يعزم على ترك المعاودة. والثالث: يسعى في أداء المظالم.

وإن كان استحلال صاحب الحق يترتب عليه قتل المذنب كالاستحلال من الزنا، فيكفى الاستحلال العام، كأن يقول لصاحب الحق: سامحني فيما أخطأت في حقك.
وقد تكلم العلماء في التوبة كثيراُ. ونذكر بعض أقوالهم توضيحا لحقيقتها.

—————————

قال الأستاذ أبو علي الدقاق: التوبة على ثلاثة أقسام أولها: التوبة. وأوسطها: الإنابة. وآخرها: الأوبة.
فقد جعل التوبة بداية، والإنابة وسطا، والأوبة نهاية، فمن تاب خوفا من النار فهو صاحب توبه . ومن تاب طمعا فى الجنه فهو صاحب توبه إنابة. ومن تاب استجابة للأمر، لا لرغبة في الثواب، ولا لرهبة من العقاب، بل حبا لله فهو صاحب أوبة، وهو أعلاها مقاما.

وقال أبو القاسم القشيرى: التوبة صفة المؤمنين. قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعاُ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ) والإنابة صفة الأولياء والمقربين قال تعالى: (وَجَاءَ بِقَلبٍ مُنِيبٍ) والأوبة صفة الأنبياء والمرسلين. قال تعالى: ( نِعمَ العَبدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).

———————————-

وقال ذو النون المصري: توبة العامة من الذنوب وتوبة الخاصة من الغفلة عن ذكر الله، وتوبة الأنبياء من رؤية الأكوان.
وعلى هذا أيضا يفسر قوله صلى الله عليه وسلم: ) فإني أتوب إلى الله كل يوم مائة مرة (.
————————————–

وقال الجنيد البغدادي: التوبة: أن تقبل على الله بالكلية كما أعرضت عنه بالكلية. ويؤيده قوله تعالى: (إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاُ).

وقال سهل بن عبدالله: التوبة هي: الندم والإقلاع والتحول عن الحركات المذمومة إلى الحركات المحمودة. وهو معنى حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( الندم توبة ). وهو في مسند الإمام أحمد.

والله تعالى يسعف العبد بالعون والتوفيق إلى التوبة التي تحركت نفسه إلى تحقيقها، وتشوقت إليها، وضاقت بما هي عليه من ذنب. وقد بين القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: (وَضَاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِمَا رَحبَت وَضَاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنُّوا أَن لاَ مَلجَأَ مَن الله إِلاَّ إِلَيهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم لِيَتُوبُوا).
————————————————————-

ولهذا قال رويم البغدادي: التوبة هي إسقاط رؤية التوبة. أى إسقاط رؤيتها صادرة من نفس المسلم، بل منه من الله إليه، وهو منفذ لها بعد ما تحركت نفسه إليها، وصدق افتقاره إلى ربه، ولم يجد له مفرا من نفسه غلا إلى الله تعالى، وصدق في التخلق بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فحينئذ يسعفه الله تعالى بالتوفيق إليها، ويعينه على تحقيقها.

وهل ينسى التائب ذنوبه التي تاب عنها؟ أو يذكرها ليندم عليها؟ والإجابة على هذا في مناقشة حدثت بين السري السقطي، وشاب من العباد 00
رواها الجنيد البغدادي، قال: دخلت على السري فوجدته متغيرا، فقلت له: مالك؟
قال: دخل على شاب فسألني عن التوبة، فقلت: ألا تنسى ذنبك، فعارضني وقال: التوبة أن تنسى ذنبك.

فقلت: وإن الأمر عندي كما قال الشاب. فقال: ولم؟ قلت: لأني كنت في حال الجفاء، فنقلني إلى حال الصفاء، فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء، فسكت.
أقول: وهذا حق، لأن من شرط التوبة: العمل الصالح، وذكر الذنب ربما عطل عن العمل إذا أصيب التائب بالكآبة من أجله، ويخطىء البعض فيذكرون ما كان منهم من الذنب على سبيل التسلية، وهو خطأ فاحش، وحنين إلى تلك الذنوب في الحقيقة.

والتوبة النصوح لا يبقى على صاحبها أثر من المعصية لا سرا ولا جهرا. ويقول ابن عطاء: من كانت توبته نصوحا لا يبالي كيف أمسى وأصبح، يعني: لا يبالي بما كان منه قبل التوبة، فقد محاه الله من صحيفة عمله.خليجية
———————————

والتوبة يجب أن تعم الجوارح كلها، وقد أوضح ذو النون المصري ذلك في قوله: على كل جارحة لابن آدم توبة، فتوبة القلب: أن ينوى ترك المحظورات، وتوبة العينين: الغض عن المحارم، وتوبة اليدين: ترك تناول مالا يحل، وتوبة الرجلين: ترك السعي في الملاهي، وتوبة السمع: ترك الإصغاء إلى الباطل، وتوبة الفرج: القعود عن الفواحش.خليجية

وقال عن التوبة النصوح: إنها إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب، والخوف من الرجوع إلى الذنب، وهجران قرناء السوء، وملازمة أهل الحياء.

أقول: وهو مخالف للرأي القائل: بوجوب نسيان الذنب، وفي كل خير إذا صلح القلب.

خليجية

من كتاب مكفرات الذنوب وموجبات الجنة
منقول

جزاج الله خير أختي

يزاج الله خير الغاليه

فميزان حسناتج ان شاءالله

جزاج الله خير أختي

جزاج الله كل خير

تسلمون عالمشاركه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.