الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
هذه همسات ندية، وإشراقات تربوية، نهديها إلى أخواتنا المؤمنات لتكون عونا لهن على طاعة الله، في زمن كثرت فيه المغريات، وطغت الفتن والملهيات، نسأل الله لنا ولهن الثبات على الحق، إنه خير مسئول وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الهمسة الأولى
(التقوى)
أختاه! إن تقوى الله عز وجل هي جماع الخيرات ورأس الفضائل، وهي الميزان الذي يتفاضل به الناس، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [ الحجرات:13]
وهي أيضا خير زاد يتزوده المرء من دنياه لآخرته، كما قال سبحانه: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} [ البقرة:197]
ولذلك ذم الله تعالى الحائدين عن طريق التقوى، ممن لا يقبلون النصح، ويأنفون من التوجيه والإرشاد، قال تعالى: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} [ البقرة: 206].
أختاه! إن التقوى ليست مجرد كلمة لا رصيد لها من العمل، بل هي منهج حياة لابد أن يكون له أثر فعال في حياة الإنسان وسلوكه.
ففي قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} [ آل عمران: 102]. قال ابن مسعود رضي الله عنه: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.
قال سهل بن عبد الله: من أرادا أن تصح له التقوى، فليترك الذنوب كلها.
قال عمر بن عبد العزيز: ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله: ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير.،
خل الذنوب صــغيرها وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تــحقرن صغـيرة إن الجبال من الحصى
الهمسة الثانية
(ذكرى)
أختاه! اعلمي أن الساعة آتية لا مفر منها، ولا ينفعك إلا عملك الذي أديتيه طاعة لله، فلن ينفع زوج، ولا والد، ولا ولد، ولا مال، فكله متاع زائل.
فإن قلت: أبي لا يريد، أو زوجي لا يريد، أو نحو ذلك، فإنه لا عذر لك عند الله يوم القيامة، حيث يتبرأ كل امرئ من أقاربه بل من أقرب المقربين إليه: {يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} [عبس: 34-37].
أختاه! ماذا يساوى ملك الدنيا كلها وزينتها، ومتاعها، وسياراتها، وأثاثها، وجمالها، ومظاهرها، و…. ماذا يساوي كل هذا؟؟ حتى ولو طالت الحياة بك ألف عام، ثم كنت بعد ذلك ـ لاسمح الله ـ من أهل النار يوم القيامة ولو ليوم واحد فما الفائدة ؟!
{وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} [ الحج: 47]. ماذا لو قدر أن تكوني من سكان النار لآلاف من السنين؟! هذه النار التي تطير لأوصافها العقول، وتهلع لذكرها القلوب، النار التي تحرق الأبدان والجلود، ولا موت آنذاك
{ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال إنكم ماكثون} [ الزخرف: 77].
أختاه! كيف بك وقد نصب الصراط- الذي هو أحد من السيف وأدق من الشعرة على متن جهنم، ليمر عليه الناس، ثم لا ينجو من السقوط في الهاوية إلا ذو العمل الصالح:
{وإن منكم إلا واردها كان على بك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين التقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} [مريم: 71، 72].
ألا فاتقي الله، واخشي ذلك اليوم، ولا تؤثري مدح الناس لجمالك ولثيابك، ولمتاعك الذاهب، فإن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولا تستحق أن يغمس لأجلها الإنسان غمسة واحدة في نار جهنم- أعاذني الله وإياكِ منها-.
الهمسة الثالثة
(أنت والموضة)
أختاه! إن من واجب المرأة المسلمة أن تلتزم بالسلوك الإسلامي الصحيح، الذي يعبر عن عقيدتها وإسلامها، ويميزها عمن نسين الله، وارتضين المعصية، وآثرن الحياة الدنيا..
ومن المظاهر التي تؤثر في السلوك؛ هذه الألوان الحديثة من الموضات المختلفة.. والأزياء المتعاقبة في كل فصل، ومن كل لون ولكل مناسبة، محاطة بالأضواء والدعايات والمغريات بشتى الوسائل..
وكل يوم تدفع بيوت الأزياء جديدا، تهدف من ورائه الاستحواذ على اهتمام الرجال والنساء معا، حتى لا يبقى لهم ما يشغلهم إلا متابعة الجديد، واللحاق بكل حديث، إضافة إلى إثارة الجنس، وإبراز المفاتن، وإلهاء عنصر الشباب بالدرجة الأولى.
وليس خافيا أن وراء بيوت الأزياء ومنتجي الزينة اليهود سماسرة الجنس، وأعداء البشر، حلفاء الشيطان، وأن غايتهم محاربة منهج الله، والقضاء على الإسلام والمسلمين.
والمرأة المسلمة تختار لباسها المناسب طبقة لمعتقدها، دون التقيد بأزياء العصر وأذواقه، لأن لديها مجالا فسيحا لانتقاء ما يناسب، ويتفق مع شرع الله، ويحفظ لها كرامتها وأنوثتها ومكانتها.
فإذا استعلت المرأة المسلمة على إغراءات الجاهلية وضغوطها، وتحررت من قيود العصر وأزيائه ومظاهره، تكون قد جنبت نفسها الوقوع في هذا المنزلق الخطير.
فإذا أرادت المرأة المسلمة أن تظفر بمرضاة الله، فعليها أن تحافظ على شرع الله عقيدة وعملا.. وإذا أرادت أن تحظى بالنعيم، وتنجو من العذاب، فعليها أن تتمرد على ما في هذا العصر من إغراء ومتناقضات، وأن ترفض الجمع بين هذه المتناقضات.
الهمسة الرابعة
(اعتزي بدينك)
جاء في كتاب "مشاهداتي في بريطانيا": كانت جارتنا عجوزا يزيد عمرها على سبعين عاما، وكانت تستثير الشفقة حين تشاهد وهي تدخل أو تخرج، وليس معها من يساعدها من أهلها وذويها.. كانت تبتاع طعامها ولباسها بنفسها.. كان منزلها هادئا ليس فيه أحد غيرها.. ولا يقرع بابها أحد..
وذات يوم قمت نحوها بواجب من الواجبات التي أوجبها الإسلام علينا نحو جيراننا.. فدهشت أشد الدهشة لما رأت.،.. مع أنني لم أصنع شيئا ذا بال.. ولكنها تعيش في مجتمع ليس فيه عمل خير.. ولا يعرف الرحمة والشفقة.. وعلاقة الجار بجاره لا تعدو- في أحسن الحالات- تحية الصباح والمساء!
جاءت في اليوم الثاني إلى منزلنا بشيء من الحلوى للأطفال، وكانت تزور زوجتي بين الحين والآخر.. وخلال تردادها على بيتنا.. علمت مدى احترام المسلمين للمرأة.. سواء كانت بنتا أو زوجة أو أما.. وبشكل خاص عندما يتقدم سنها.. حيث يتسابق ويتنافس أولادها وأبناء أولادها على خدمتها وتقديرها..
كانت المرأة المسنة تلاحظ- عن كثب- تماسك العائلة المسلمة.. كيف يعامل الوالد أبناءه.. وكيف يلتفون حوله إذا دخل البيت.. وكيف تتفانى المرأة في خدمة زوجها.. وكانت – المسكينة- تقارن بما هي عليه وما نحن عليه..
كانت تذكر أن لها أولادا وأحفادا لا تعرف أين هم.. ولا يزورها منهم أحد.. قد تموت وتدفن أو تحرق وهم لا يعلمون… ولا قيمة لهذا الأمر عندهم!!
أما منزلها فهو حصيلة عملها وكدحها طوال عمرها..
وكانت تذكر لزوجتي الصعوبات التي تواجه المرأة الغربية في العمل.. وابتياع حاجيات المنزل، ثم أنهت حديثها قائلة: "إن المرأة في بلادكم ملكة" ولولا أن الوقت متأخر جدا لتزوجت رجلا مثل زوجك، ولعشت كما تعيشون !
الهمسة الخامسة
(دعي الأرقام تتحدث)
هذه بعض الإحصائيات الغربية، تبدد ذلك الوهم الكبير بأن المرأة الغربية تعيش في سعادة وراحة نفسية، في ظل الحرية التي تتمتع بها في بلاد الغرب..
* 80% من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن.
* 75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي.
* 80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسئولياتهن تجاه العمل، ومسئولياتهن تجاه الزوج والأولاد.
* 87% قلن: لو عادت عجلة التاريخ للوراء، لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة، وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها.
*40% من النساء تعرضن للضرب أو للاغتصاب مرة على الأقل.
* 800 ألف امرأة حامل في بريطانيا، 400 ألف منهن خارج العلاقات الزوجية.
* 152890 حالة إجهاض في الولايات المتحدة خلال سنة واحدة.
* 10 مليون حالة إجهاض بروسيا سنويا.
* 10. 1 مليون مطلقة في فرنسا.
* 40% من نساء إيطاليا ضحايا الاغتصاب.
*14 مليون امرأة إيطالية يخشين السير بمفردهن في الشوارع.
* 60% من الطالبات يتوقعن أن يغتصبن قبل التخرج.
* 18% من نساء أمريكا اغتصبن أو تعرضن لمحاولة اغتصاب.
* من كل 35 حالة اغتصاب يتم التبليغ عن حالة واحدة فقط بينما يؤثر البقية السكوت.
* 40 مليون طفل مشرد في أمريكا اللاتينية .. والبقية تأتي.
الهمسة السادسة
(عادات سيئة)
من العادات السيئة المنتشرة بين بعض الفتيات: تبادل الأفلام التافهة، والمجلات، والصور التي تهتم بشأن المطربين والمطربات والممثلين والممثلات..
ولا يخفى علينا جميعا أضرار الأفلام، وما جلبته على مجتمعنا من ويلات ومنكرات، ومن أهم أضرار الأفلام والمسلسلات والمجلات على المسلمين:
1- قتل الوقت وإضاعة العمر.
2- إشغال الفرد والأمة عق أداء واجبات مهمة.
3- نقل أخلاق البيئات الشاذة والمنحرفة إلى مجتمعنا.
4- فرض نماذج أخلاقية سيئة وهابطة على الناس.
5- تعويد المسلم على عدم غض البصر وعصيان ربه.
6- التعود على رؤية المنكرات وعدم إنكارها.
7- الإسهام بشكل مباشرة في هبوط مستوى التحصيل العلمي للطلاب والطالبات في المدارس والجامعات.
8- تشويه شخصيات التاريخ الإسلامي قي عقول المشاهدين.
9- إظهار الفاسقين والفاسقات في موقع الصدارة من المجتمع.
10- تعليم الناس الصفات القبيحة كالنفاق والكذب والاحتيال وغيره.
اعتراف
قالت: "برجيت باردو" نجمة الإغراء: "عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة، فإنني أبصق على نفسي، وأقفل الجهاز فورا.. كم كنت سافلة".
ثم تقول: "قمة السعادة للإنسان: الزواج.. إنني إذا رأيت امرأة مع زوج وأولاد أتساءل في نفسي: لماذا أنا محرومة من هذه النعمة؟!! ".
وتقول هناء ثروت بعدما اعتزلت الفن: نعم إن قرار اعتزالي الفن هو أصوب قرار اتخذته في حياتي.. ويكفي أنه جعلني أشعر بالسعادة التي كنت أفتقدها.. وأحمد ربي أنني أنقذت نفسي قبل فوات الأوان ..
فمتى ترجعين أختاه إلى طريق الهداية والنور؟
متى تستبدلين الأفلام القبيحة والمجلات الخبيثة بالأشرطة الإسلامية النافعة والكتب المفيدة الناصحة؟
إننا في انتظارك.. فهيا أسرعي.. واتخذي قرارك.. فالأمر لا يحتمل التأجيل.
الهمسة السابعة
(كفى بالموت واعظا)
تذكري- أختاه قبل أن تغمضي عينيك- أن الموت قادم لا محالة، وأنه يأتي بغتة دون موعد أو استئذان، فيأخذ الشيخ الكبير، والشاب الطرير، والطفل الصغير، والفتاة في خدرها، والمرأة في قعر بيتها.. فلا يستطيع دفعه ورده أحد ولا يجرؤ على خداعه والهروب منه أحد {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} [ الجمعة: 8].
لا فرق عنده بين صغير وكبير، وغني وفقير، وعظيم وحقير، وصحيح وسقيم..
الكل في ميزان الموت سواء
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من مريض عاش حينا من الدهر
فيا أختاه! كم سنة تؤملين العيش والبقاء؟ ستون سنة؟ سبعون؟ ثمانون؟ مائة؟ ثم ماذا؟ {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد} [ق: 19].
فإذا كان الموت هو نهاية الحياة الدنيا، وبداية الحياة الآخرة، وإذا كان لقاء الله تعالى أمرا لا مفر منه، فإن الحازم من استعد له من ساعته، واغتنم عمره في عبادة الله وطاعته..
استعدي يا نفس للموت واسعي لنجاة فالحازم المستعد
قد تبينب أنه ليــس للحي خلود ولا من الموت بد
(الهمسة الثامنة)
طريق النجاة
لعلك تسألين ! أختاه- كيف النجاة؟ ما هو الطريق؟ والإجابة في قول الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [الأنعام: 153].
1- فالنجاة في الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
النجاة في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بالكتاب والسنة.
2- النجاة في المحافظة على الصلوات الخمس في مواقيتها مع تعظيم شأنها والخشوع فيها.
3- النجاة في إخراج الزكاة، وصوم رمضان إيمانا واحتسابا، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
4- النجاة في محاسبة النفس، والمبادرة إلى التوبة النصوح.
5- النجاة في الإخلاص لله تعالى، وترك الشرك والرياء.
6- النجاة في حب الله ورسوله، وحب ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
7- النجاة في الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
8- النجاة في الصبر عنده البلاء، والشكر عند الرخاء، والمراقبة لله تعالى في السر والعلن، والرجاء لما عنده من الإفضال والمنن.
9- النجاة في التوكل على الله، وحسن الظن به، واللجوء إليه في كل الأمور.
10- النجاة في طلب العلم النافع، والعمل بمقتضى العلم لا بالجهل والهوى.
11- النجاة في تدبر القرآن وتعظيمه، وتلاوته والعمل بأحكامه.
12- النجاة في حفظ اللسان عن المحرمات، من كذب وغيبة ونميمة وسب ولعن.
13- النجاة في الوفاء بالعهود وأداء الأمانات إلى أهلها، وترك الخيانة والغدر.
14- النجاة في بر الوالدين وصلة الأرحام، وإكرام الجيران، والصبر على أذاهم، وبذل المعروف للقريب والبعيد.
15- النجاة في الستر والعفاف والحشمة، والالتزام بضوابط الإسلام في الحجاب، وتجنب التشبه بالرجال أو الكافرات في المظهر والمخبر.
16- النجاة في ترك الغل والحسد، والعداوة والبغضاء، والوقيعة في الأعراض بغير حق.
17- النجاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.
18- النجاة في التزام مكارم الأخلاق، من التواضع والرحمة والحلم، والحياء، ولين الجانب، وكظم الغيظ والكرم، وترك الكبر والغرور والأشر والبطر وغير ذلك.
19- النجاة في الزهد في الدنيا، وقصر الأمل، والمسارعة إلى رضوان الله تعالى قبل بلوغ الأجل.
20- النجاة في الإعراض عن اللغو واللهو واللعب، والأخذ بمعالي الأمور وترك سفاسفها، والإصلاح بين الناس .
"منقوووووووول"
بسم الله الرحمن الرحيم