شاب في السادسة والعشرين من العمر قرر الزواج بامرأة يبني وإياها حياة سعيدة يغلب عليها طابع التفاهم والاحترام. فما هي النصائح التي ممكن أن تسدي بها إلى كل منهما.
*** **** **** **** **** **** *** ****
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنت شاب والحياة مقبلة عليك وعلى أهلك كورقة بيضاء تنقش فيها ما تشاء وتكتب عليها مستقبل أيامك، بيدك سعادتك كما إن بيدك أيضاً ـ لا سمح الله ـ شقاءك، كما قال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومَن يعمل مثقال ذرة شراً يره).
وليكن في علمك ـ أيها الأخ العزيز ـ أن الأسرة دولة الانسان الأولى ومحل طاعته وعبادته كما هي موضع امتحانه وابتلائه، لذا فعلى المرء أن ينظر كيف يحكم فيها، بالعدل أم الظلم، وكيف يتعامل مع رعيته من أهل بيته، بالمساواة والانصاف، أم بالتعسف والإجحاف، وعليه أن يكون صادقاً معهم كما يصدق مع نفسه، فلا يطلب منهم شيئاً ولا يفعله، وهكذا فإن أول أسس الأسرة السعيدة أن تقوم على أساس العدل والانصاف، كما قال تعالى: (وعليهن مثل الذي لهن بالمعروف).. بل إن أساس المجتمع الانساني فضلاً عن المجتمع المسلم، هو أن نعامل الناس بمثل ما نحب أن نعامل به، كما جاء هذا المعنى في الحديث الشريف، وجاء أيضاً (الدين المعاملة)، لا الادعاء والتقول والتظاهر وأداء الفروض دون أن تنهى الفروض الانسان عن المنكر والفحشاء، فمن (لم تنهه صلاته عن المنكر والفحشاء فلا صلاة له).
ومن ثم يأتي دور الأخلاق، وهنا أيضاً (ميدانكم الأول أنفسكم) ومحل الامتحان المقدّم (الأسرة)، فيجب أن تجرى فيها مكارم الأخلاق من العفو والحلم والتسامح، و(ثلثا الحلم التغاضي) أي أن يغض الانسان عما يراه من سوء، كأن لم يراه، ومن ثم (المداراة) بأن يراعي كل فرد الآخر، ويجاريه، في غير منكر، وكلّ هذه الأمور مشتركة فهي تخص الزوج كما هي تخص الزوجة.
ومن المسائل المهمة بين الزوجين مراعاة الاحترام المتبادل ورعاية القضايا الشخصية لكل منهما، فلكل رأيه ومزاجه وطباعه وميوله واتجاهاته، فينبغي لكل طرف احترام حقوق الطرف الآخر في أن يحتفظ بآرائه ورغباته، فليس الزواج فناء الذات في الآخر، أو مسخ الشخصية وإطفاء نورها، فإن ذلك غير ممكن، وقد نشأ كل من الزوجين في ظروف وبيئة مختلفة وورثا أفكاراً وعادات من أسرتيهما ومجتمعهما، كما لا يمكن أن نجد شخصين في العالم متطابقين ولو كانا توأمين ومن أب وأم واحدة، فلكل طبيعته.
نعم، في الأشياء المشتركة يتقارب الزوجان ويتنازلان لأحدهما الآخر حتى يتعايشا في جو ودّي مشترك، وتبقى لكل منهما خصوصيته، فيما يخصه، ولا يتعارض مع حقوق الطرف الآخر.
والاحترام مطلوب بين الزوجين، كما هو بين أي شريكين و رفيقين أو صديقين، وزوال الاحترام يؤدي إلى تهتك العلاقة وتعرضها للمشاكل والتصدع، لأن الحدود تحفظ الوجود، وتجعل كل يعرف حقوقه وواجباته، ومن المهم جداً أن يحفظ الزوجان احترام كل منهما أمام الآخرين، سواء كانوا أقارب من العائلة أم بعيدين، لأن هذا الاحترام سيحصّن العائلة من تدخل الآخرين وزيادة تعقيد الأمور، كما إنه سيزيد من تماسكهما وتفاهمهما بعيداً عن الانفعال والاضطراب والعصبيات الاجتماعية، فكثيراً ما يظهر الزوج أمام الآخرين ـ في مجتمعاتنا خصوصاً ـ بمظهر القوة ويستشيط غضباً ليثبت (رجولته) وأنه هو المسيطر، وهذا ما يوقعه في الخطأ والظلم، وعلى المرأة أن تعرف الوقت المناسب لنقد الزوج وتقديم الملاحظات له بصورة لا تمس كرامته، بل تجعله يتقبل ذلك عندما يكون الجو مناسباً ومحفوفاً بالودّ والاحترام.
والأمر الآخر، هو أن الزواج ليس تعايشاً حياتياً محضاً، بل هو رفقة حياة، وصداقة ومحبة، وودّ ورحمة، فيجب أن تستمر الأجواء المعطرة والعواطف المستفيضة قبل الزواج إلى ما بعده، بأن تكون بين الزوجين ساعات من التآلف والسكينة بعيداً عن صخب الحياة ومشاغلها، فقد يفقد الزوج هذه الأجواء فيقع في فخ الغير، من نساء مغرضات أو أصدقاء السوء، أو حتى الصحبة الذين يعتاشون على أوقات الأسرة، من زوجة وأبناء، لذا فإن من المهم جداً برمجة العمل والوقت لتكون هناك أوقات فراغ خاصة بالأسرة للتفاهم والتقارب في مسائل الدنيا والآخرة، وللمودة والمحبة بين الزوجين، وكذا مع الأولاد، وكل ذلك يساعد في بناء الأسرة ثقافياً ودينياً ويزيد في تماسكها وسعادتها، ويحفظها من شرور الأشرار ووساوس الشيطان.
ليكن شعار الأسرة قوله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). فالمطلوب أن تكون الأسرة مدرسة لأبنائها يتربّون فيها ويتكاملون فيها على طريق طاعة الله سبحانه وتعالى، ويتعاونون من خلالها لطلب الرزق وتدبير شؤون الحياة.
لذا فإن تعاهد الزوجين على أن يعاون أحدهما الآخر في هذا السبيل، وأن ينصح أحدهما الآخر ويساعده ويأخذ بيده نحو رضا الله، وينبهه عن الخطأ إن وقع ـ بالتي هي أحسن ـ ويأمر أحدهما الآخر بالمعروف وينهاه عن المنكر.. كل ذلك سيجعل من بيت هذين الزوجين بيتاً من بيوت الله تهب عليه نسائم الجنة وينعمون فيه برحيق زهورها، فمن أراد الآخرة طلبها في دنياه، ومَن أراد السعادة ابتدأها بنفسه، فصفاها عن كل غلٍ وحقد وحسدٍ وفتنة، قال تعالى: (ومَن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون).
وأخيراً، فإن البيت الذي تعم فيه أجواء الإيمان وذكر الله، سيحظى بأهم وأغلى حاجة في الوجود، ألا وهي سعادة النفس وسرورها وسكونها، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فمن المناسب جداً أن يقرأ القرآن في البيت ويرفع فيه صوت الأذان وتقام الفرائض لأوقاتها.
وختاماً، فإن (التدبير نصف المعيشة) كما جاء في الأثر الشريف، فينبغي الاعتدال في الصرف وعدم التبذير، بل تنظيم الاستهلاك تحسباً للمستقبل والتخطيط لتطوير بيت الأسرة وتهيئة مستلزمات العيش الرغيد للأبناء وتأمين احتياجاتهم المستقبلية، والتوكل في كل ذلك على الله تعالى، وهو نعم المولى ونعم الوكيل. والحمد لله رب العالمين.
*** **** **** **** **** **** *** ****
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنت شاب والحياة مقبلة عليك وعلى أهلك كورقة بيضاء تنقش فيها ما تشاء وتكتب عليها مستقبل أيامك، بيدك سعادتك كما إن بيدك أيضاً ـ لا سمح الله ـ شقاءك، كما قال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومَن يعمل مثقال ذرة شراً يره).
وليكن في علمك ـ أيها الأخ العزيز ـ أن الأسرة دولة الانسان الأولى ومحل طاعته وعبادته كما هي موضع امتحانه وابتلائه، لذا فعلى المرء أن ينظر كيف يحكم فيها، بالعدل أم الظلم، وكيف يتعامل مع رعيته من أهل بيته، بالمساواة والانصاف، أم بالتعسف والإجحاف، وعليه أن يكون صادقاً معهم كما يصدق مع نفسه، فلا يطلب منهم شيئاً ولا يفعله، وهكذا فإن أول أسس الأسرة السعيدة أن تقوم على أساس العدل والانصاف، كما قال تعالى: (وعليهن مثل الذي لهن بالمعروف).. بل إن أساس المجتمع الانساني فضلاً عن المجتمع المسلم، هو أن نعامل الناس بمثل ما نحب أن نعامل به، كما جاء هذا المعنى في الحديث الشريف، وجاء أيضاً (الدين المعاملة)، لا الادعاء والتقول والتظاهر وأداء الفروض دون أن تنهى الفروض الانسان عن المنكر والفحشاء، فمن (لم تنهه صلاته عن المنكر والفحشاء فلا صلاة له).
ومن ثم يأتي دور الأخلاق، وهنا أيضاً (ميدانكم الأول أنفسكم) ومحل الامتحان المقدّم (الأسرة)، فيجب أن تجرى فيها مكارم الأخلاق من العفو والحلم والتسامح، و(ثلثا الحلم التغاضي) أي أن يغض الانسان عما يراه من سوء، كأن لم يراه، ومن ثم (المداراة) بأن يراعي كل فرد الآخر، ويجاريه، في غير منكر، وكلّ هذه الأمور مشتركة فهي تخص الزوج كما هي تخص الزوجة.
ومن المسائل المهمة بين الزوجين مراعاة الاحترام المتبادل ورعاية القضايا الشخصية لكل منهما، فلكل رأيه ومزاجه وطباعه وميوله واتجاهاته، فينبغي لكل طرف احترام حقوق الطرف الآخر في أن يحتفظ بآرائه ورغباته، فليس الزواج فناء الذات في الآخر، أو مسخ الشخصية وإطفاء نورها، فإن ذلك غير ممكن، وقد نشأ كل من الزوجين في ظروف وبيئة مختلفة وورثا أفكاراً وعادات من أسرتيهما ومجتمعهما، كما لا يمكن أن نجد شخصين في العالم متطابقين ولو كانا توأمين ومن أب وأم واحدة، فلكل طبيعته.
نعم، في الأشياء المشتركة يتقارب الزوجان ويتنازلان لأحدهما الآخر حتى يتعايشا في جو ودّي مشترك، وتبقى لكل منهما خصوصيته، فيما يخصه، ولا يتعارض مع حقوق الطرف الآخر.
والاحترام مطلوب بين الزوجين، كما هو بين أي شريكين و رفيقين أو صديقين، وزوال الاحترام يؤدي إلى تهتك العلاقة وتعرضها للمشاكل والتصدع، لأن الحدود تحفظ الوجود، وتجعل كل يعرف حقوقه وواجباته، ومن المهم جداً أن يحفظ الزوجان احترام كل منهما أمام الآخرين، سواء كانوا أقارب من العائلة أم بعيدين، لأن هذا الاحترام سيحصّن العائلة من تدخل الآخرين وزيادة تعقيد الأمور، كما إنه سيزيد من تماسكهما وتفاهمهما بعيداً عن الانفعال والاضطراب والعصبيات الاجتماعية، فكثيراً ما يظهر الزوج أمام الآخرين ـ في مجتمعاتنا خصوصاً ـ بمظهر القوة ويستشيط غضباً ليثبت (رجولته) وأنه هو المسيطر، وهذا ما يوقعه في الخطأ والظلم، وعلى المرأة أن تعرف الوقت المناسب لنقد الزوج وتقديم الملاحظات له بصورة لا تمس كرامته، بل تجعله يتقبل ذلك عندما يكون الجو مناسباً ومحفوفاً بالودّ والاحترام.
والأمر الآخر، هو أن الزواج ليس تعايشاً حياتياً محضاً، بل هو رفقة حياة، وصداقة ومحبة، وودّ ورحمة، فيجب أن تستمر الأجواء المعطرة والعواطف المستفيضة قبل الزواج إلى ما بعده، بأن تكون بين الزوجين ساعات من التآلف والسكينة بعيداً عن صخب الحياة ومشاغلها، فقد يفقد الزوج هذه الأجواء فيقع في فخ الغير، من نساء مغرضات أو أصدقاء السوء، أو حتى الصحبة الذين يعتاشون على أوقات الأسرة، من زوجة وأبناء، لذا فإن من المهم جداً برمجة العمل والوقت لتكون هناك أوقات فراغ خاصة بالأسرة للتفاهم والتقارب في مسائل الدنيا والآخرة، وللمودة والمحبة بين الزوجين، وكذا مع الأولاد، وكل ذلك يساعد في بناء الأسرة ثقافياً ودينياً ويزيد في تماسكها وسعادتها، ويحفظها من شرور الأشرار ووساوس الشيطان.
ليكن شعار الأسرة قوله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). فالمطلوب أن تكون الأسرة مدرسة لأبنائها يتربّون فيها ويتكاملون فيها على طريق طاعة الله سبحانه وتعالى، ويتعاونون من خلالها لطلب الرزق وتدبير شؤون الحياة.
لذا فإن تعاهد الزوجين على أن يعاون أحدهما الآخر في هذا السبيل، وأن ينصح أحدهما الآخر ويساعده ويأخذ بيده نحو رضا الله، وينبهه عن الخطأ إن وقع ـ بالتي هي أحسن ـ ويأمر أحدهما الآخر بالمعروف وينهاه عن المنكر.. كل ذلك سيجعل من بيت هذين الزوجين بيتاً من بيوت الله تهب عليه نسائم الجنة وينعمون فيه برحيق زهورها، فمن أراد الآخرة طلبها في دنياه، ومَن أراد السعادة ابتدأها بنفسه، فصفاها عن كل غلٍ وحقد وحسدٍ وفتنة، قال تعالى: (ومَن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون).
وأخيراً، فإن البيت الذي تعم فيه أجواء الإيمان وذكر الله، سيحظى بأهم وأغلى حاجة في الوجود، ألا وهي سعادة النفس وسرورها وسكونها، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فمن المناسب جداً أن يقرأ القرآن في البيت ويرفع فيه صوت الأذان وتقام الفرائض لأوقاتها.
وختاماً، فإن (التدبير نصف المعيشة) كما جاء في الأثر الشريف، فينبغي الاعتدال في الصرف وعدم التبذير، بل تنظيم الاستهلاك تحسباً للمستقبل والتخطيط لتطوير بيت الأسرة وتهيئة مستلزمات العيش الرغيد للأبناء وتأمين احتياجاتهم المستقبلية، والتوكل في كل ذلك على الله تعالى، وهو نعم المولى ونعم الوكيل. والحمد لله رب العالمين.