تخطى إلى المحتوى

"" معرفة المرء قدر نفسـه ""

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , أمابعد :
فإن القارئ لكتب الإمام إبن القيّم – رحمه الله تعالى – ليجد المتعة واللذة التي لا تفارقه طيلة قراءته لأي كتابٍ من كتبه ؛ وذلك لأن الإمام إبن القيّم – رحمه – الله قد آتاه الله من البصيرة والفقه لعلم القلوب وما يعتريها من الأمراض والأدواءالتي قد لا يلاحظها أو يعرفها الإنسان من نفسه, فعند قراءته لأي موضوعٍ يتعلق بأمراض القلوب فإنه أول ما يلاحظ أنها تتكلم عن نفسه خاصةً أمراضها وأدوائها, فيسارع إلى معرفة الداء الذي يعتريه ويلتمس العلاج , وهاهنا أنقل كلاماً عظيماً لمن تأمله ولامسه على أرض الواقع.

يقول الإمام إبن القيّم – رحمه الله – فيفَصْلٍ بعنوان" هَضْمُ المؤمنِ نفسَه" : ( ومنها أنَّ شُهودَ العَبدِ ذُنوبَهُ وخطاياهُ تُوْجِبُ لهُ أنْ لا يَرى لنفسهِ على أحدِ فَضلاً, ولا له على أحدٍ حقّاً, فإنَّهُ يَشهَدُ عُيوبَ نَفسهِ وذُنوبَهُ, فلا يَظُنُّ أنَّهُ خَيرٌ مِن مسلمٍ يُؤْمِنُ بالله ورسولهِ , ويُحرِّمُ ما حرَّمَ ورسولُهُ , فإذا شهدَ ذلكَ مِن نَفسهِ لم يَرَ لها على النَّاسِ حُقوقاً منَ الإكرامِ يتقاضاهم إيَّاها ويذمُّهم على تَركِ القيامِ بها , فإنَّها عندَهُ أَخَسُّ قَدْراً وأقلُّ قيمَةً من أن يكونَ لها على عبادِ الله حُقوقٌ يجبُ عليهم مُراعاتُها , أولهُ – لِأَجْلهِ – فَضلٌ يستحقُّ أن يُكرَمَ ويعظَّمَ ويقدَّمَ لأَجْلِه , فَيَرى أنَّ مَن سلَّمَ عليهِ أو لَقِيَهُ بوجهٍ مُنبَسطٍ فَقَد أحْسَنَ إليهِ , وبَذَلَ لهُ ما لا يَستحِقُّهُ , فاستراحَ هذا في نَفسهِ, وأراحَ النَّاسَ من شِكايتهِ وغَضَبهِ على الوجودِ وأهلهِ, فما أَطْيَبَ عَيشَهُ ! وما أنْعَمَ بالَهُ ! وماأَقَرَّ عينَهُ !.
وأينَ هذا مِمَّن لا يزالُ عاتباً على الخَلْقِ , شاكياً تركَ قيامِهم بحقِّهِ , ساخِطاً عليهم , وهم عليهِأسخَطُ ؟!.
فَسُبحانَ مَن بَهَرَتْ حِكمتُه عُقولَ العالَمين ) .
نقلاً من كتاب : [مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهلالعلم والإرادة] 2/296.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وتتمة لما ذكرنا من نقل لكلام الإمام إبن القيّم – رحمه الله – , فخلال قراءتي لهذا الكتاب المذكور آنفاً وهو{ مفتاح دار السعادة} وجدتُ فصْلاً بعنوان "معرفة مِقدار النفس" ففرحت أنه مطابقٌ لما كتبته وما أردت أن أعبّر عنه في نقلي الفائدة , فأردت أن أتمم ما كتبته آنفاً بهذا النقل الآخر المتعلق بهذا الموضوع .

يقول الإمام إبن القيّم – رحمه الله – : {ومنها أنَّ العَبدَ يعرفُ حقيقَةَ نفسهِ , وأنَّها الظَّالمَةُ , وأنَّ ما صَدَرَ مِنها من شرٍّ فقد صَدَرَ من أهلهِ ومعدنهِ , إذ الجَهلُ والظُّلمُ منبعُ الشرِّ كلِّهِ , وأنَّ كلَّ ما فيها من خَيرٍ وعلمٍ وهُدىً وإنابَةٍ وتَقوىً فهو من ربَّها تَعالى , هو الذي زكَّاها بهِ , وأعطاها إيَّاهُ , لا منها , فإذا لم يَشَأ تَزكيَةَ العَبدِ تَرَكهُ معَ دواعي ظُلمهِ وجَهلهِ , فهو تعالى الذي يُزَكِّي من يشاءُ منَ النُّفوسِ, فَتزكو وتأتي بأنواعِ الخَيرِ والبرِّ, ويتركُ تَزكيَةَ من يشاءُ منها فتأتي بأنواعِ الشرِّ والخُبْثِ .

وكانَ من دعاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اللهمَّ آتِ نَفسي تَقواها, وَزكِّها أنتَ خَيرُ مَن زكَّاها أنتَ وليُّها ومَولاها ) .
فإذا ابتَلى اللهُ العَبدَ بالذَّنبِ عَرَفَ بهِ نَفسهُ ونَقْصَها , فرُتَّبَ لهُ على ذلكَ التَّعريفِ حِكَمٌ ومصالحُ عَديدةٌ , منها أنَّهُ يَأْنَفُ من نَقصِها ويجتهدُ في كمالِها .
ومنها أنَّهُ يعلمُ فَقْرَها دائماً إلى مَن يتولَّاها ويحفظُها }
[ مفتاح دار السعادة 2/270].
ــــــــــــــــــــــــــــ
نقلته من أحد المواقع بتصرف يسير
جزى الله ناقل هذه الكلمات النيّرة من مصدرها الأصلي خير الجزاء .

مشكوووره الغلا ع الطرح ,,

و يعطيج العافيه .

نتريا يديدج ^^

شكرا ع المرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.