تخطى إلى المحتوى

ما ينتفع به الأموات من الأعمال الصالحات

  • بواسطة

بسم الله الرحمن الرحيم
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن العاص بن وائل نذر في الداهلية أن ينحر مائة بدَنَة، وأن هشام بن العاص نَحَر حُصته خمسين بَدَنة، وأن عَمْرًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ فقال:

" أما أبوك؛ فلو كان أقرَّ بالتوحيد، فصُمتَ وتصدَّقتَ عنه؛ نفعَه ذلك " [صحيح، "السلسلة الصحيحة"، برقم (484)].

قال الإمام الألباني -رحمه الله-:
(( والحديث دليل واضح على أن الصدقة والصوم تلحقُ الوالد -ومثله الوالدة- بعد موتِهما إذا كانا مُسلمَين، ويصل إليهما ثوابها بدون وصية منهما.

ولما كان الوالد من سعي الوالدين؛ فهو داخل في عموم قوله -تعالى-: {وأَن ليْسَ للإنْسَانِ إلا مَا سَعَى} [النجم:39]…

وخلاصة ذلك:
أن للولد أن يتصدق ويصوم ويحج ويعتمر ويقرأ القرآن عن والديه؛ لأنه مِن سعيِهما، وليس له ذلك عن غيرهما؛ إلا ما خصَّه الدليل…)).

[نقلاً من: "نظم الفرائد"، (1/485-486)].
معًا على الخير

وهنا أنقل كلامًا للإمام الألباني -رحمه الله- في هذه المسألة:

(( ما ينتفع به الميت

وينتفع الميت من عمل غيره بأمور:

أولاً: دعاء المسلم له، إذا توافرت فيه شروط القبول؛ لقول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذين جاؤُوا مِن بعدِهمْ يَقولُونَ ربَّنا اغْفِرْ لنا ولِإخوانِنا الَّذينَ سَبقُونا بِالإيمانِ وَلا تَجْعَلْ في قُلوبِنا غِلاًّ للذينَ آمَنوا ربَّنا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحيم} [الحشر].

وأما الأحاديث فهي كثيرة جدًّا…

ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: " دعوةُ المسلم لأخيه بظهر الغيب مُستجابة، عند رأسه ملَك مُوَكَّل، كلما دعا لأخيه بخير؛ قال الملَك المُوَكَّل به: آمين، ولك بِمثل ".

بل إن صلاةَ الجنازة جُلَّها شاهد لذلك؛ لأن غالبَها دعاء للميت، واستغفار له.

ثانيًا: قضاء ولي الميت صوم النذر عنه.

وفيه أحاديث:

الأول: عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
" من مات وعليه صيام؛ صام عنه وَليُّه ".
وهو محمول على صيام النذر دون صيام رمضان.

الثاني: عن ابن عباس -رضي الله عنه-:
" أن امرأةً ركبت البحر فنذرت إن اللهُ -تبارك وتعالى- أنجاها أن تصوم شهرًا، فأنجاها الله -عز وجل-، فلم تَصُم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها [إما أختها، أو ابنتها] إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له؛ فقال: " أرأيتكِ لو كان عليها دَيْن؛ كنتِ تقضينَهُ؟ "، قالت: نعم. قال: " فَدَيْن اللهِ أحق أن يُقضَى؛ فاقضي عن أمك ".

ثالثًا: قضاء الدَّين عنه من أي شخصٍ -وليًّا كان أو غيره-.

رابعًا: ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة؛ فإن لوالدَيه مثل أجره، دون أن ينقص من أجره شيء؛ لأن الولد من سعيِهما وكسبِهما، والله -عز وجل- يقول: {وأَن ليْسَ للإنْسَانِ إلا مَا سَعَى} [النجم:39].

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن أطيَبَ ما أكل الرجل من كسْبِه، وإنَّ ولَدَه مِن كسْبِه ".

ويؤيد ما دلت عليه الآية والحديث: أحاديث خاصة وردت في انتفاع الوالد بعمل ولده الصالح؛ كالصدقة والصيام والعتق ونحوه، وهذه بعضها:

الأول: عن عائشة -رضي الله عنها-: " أن رجلاً قال: إن أمي افتُلِتَتْ نفسها [أي: ماتت فجأة]، ولم تُوصِ، وأظنها لو تكلمتْ تصدَّقت، فهل لها أجر إن تصدقتُ عنها ولي أجر؟ قال: نعم، فتصدق عنها ".

الثاني: عن عبد الله بن عمرو: أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يُعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، وأراد ابنه عمرو أن يعتق الخمسين الباقية، قال: حتى أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! إن أبي أوصى أن يُعتق عنه مائة رقبة، وإن هشامًا أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون؛ أفأُعتِق عنه؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم أو تصدقتم عن، أو حججتم عنه؛ بَلَغه ذلك "، وفي رواية: " فلو كان أقرَّ بالتوحيد فصُمتَ وتصدقتَ عنه؛ نفعهُ ذلك ".

خامسًا: ما خلفه مِن بعدِه من آثار صالحة، وصدقات جارية.

لقوله -تبارك وتعالى-: {ونَكتُبُ ما قدَّموا وَآثَارَهم} [يس].

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا مات الإنسانُ انقطعَ عنه عملُه إلا من ثلاثة [أشياء]: إلا مِن صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتَفعُ به، أو ولدٍ صالح يدعو له "… )).

[نقلاً من: " تلخيص أحكام الجنائز "، للعلامة الألباني -رحمه الله-، (75وما بعدها)، بشيء من الحذف].

معًا على الخير

قال ابن القيم رحمة الله عن أفضل ما يعمل للميت : الأفضل ما كان أنفع في نفسه, فالعتق عنه والصدقة أفضل من الصيام عنه, وأفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه وكانت دائمة مستمرة ..

‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ

اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يُبَشَّرُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِرَوْحٍ وَرَيْحانٍ، وَرَبٍّ رَاضٍِ غَيْرِ غَضْبانِ
اللهم اغفر لي و لوالدي و ارحمهما كما ربياني صغيرا

‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ

اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يُبَشَّرُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِرَوْحٍ وَرَيْحانٍ، وَرَبٍّ رَاضٍِ غَيْرِ غَضْبانِ
اللهم اغفر لي و لوالدي و ارحمهما كما ربياني صغيرا
خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.