تخطى إلى المحتوى

قصّة قصيرة: وهوى الصليب !

وهوى الصليب…

الإهداء:
إلى: أطفال الصومال.
جسمه نحيف حتى لا يكاد يرى له ظل على الأرض، أكلت منه الشمس ما ذرأ منه الجوع و المرض ولعلّ بطنه المنتفخ بين يديه كبلون الهواء هو العلامة الوحيدة التي تميزه عما حوله إذا لمحه البصر. وهو الآن مسجى فوق رمال الصحراء اللاهبة لا تقوى رجلاه الدقيقتان – كساق السنبلة الواهنة التي كسرها عبث الريح – على حمله، حرّك رأسه ببطء شديد رافقته آلام مبرحة في الرأس والعينين والعنق … وجفاف في الحلق يكاد يشقه مزقا … تصلب في اللسان سمره في مكانه ، عبثا حاول رؤية خيال إنسان أو سماع نبرة صوت أو حركة، حتى سيارة الجيب الفخمة التي أقبلت نحـوه تتصدرها شارة الصليب وهي تصارع الآكام والربى وترتفع حينا وتهوي حينا.. لم يشعر بها، ولم تقدر عيناه الكليلتان على رؤيتها إلا أنه عرف ندى المـاء يداعب شفتيه ووجهه ورقبته، بفعل خرقة قماش مبللة تمررها يد القسّ على جلده الأحرش ، في البداية خيل إليه أنه مات ودخل الجنة وها قد شرع يستنشق ريحها لكنه سرعان ما عرف انه مازال حيا ما أن سمع صوت القس يلاطفه:
– لا تجزع يا بنيّ.. الرب يحبك وقد أرسلني لنجدتك.. وسكب قطرات ماء في حلقه أحس لها آلاما في البدء كوخز الإبر ، ثم سرت الرطوبة في فيه رويدا رويدا إلى أن أصبـح يستسيغ الماء.. وبعد ساعات ذاق الطعام لمّا قال له القس:
– انظر..؟ هذا الخبز يعجبك ؟!
ولم يجب وإنما أراد أن يختطفه من يده ويرمي به في جوفه .. لكنّ القس سحبه بسرعة فائقة قائلا :
– آه خسارة لقد سرقه منك "محمد " أراد أن يصرخ أو يبكي فما ساعده حلقه ولا أسعفته دموعه.. مدّ القس يده بالخبز ثانية نحو فم الصبي:
– انظر إنّ المسيح قد أعاده لك، أشكره على عونه لك… إنه يحبك ! وأخذ الصبيّ يلتهم الخبز في نهم لم يقلل منه شعوره بمرارته تسري في جوفه وما إن استروح نسمات النشاط تنبعث في بدنه ، حتى بدأ يجول بنظره فيما حوله.. المكان نظيف جدا مكيّف الهواء ، البياض يلوح ناصعا في كل جوانبه، إشارات الصليب يكلل الجدران فوق أسرة المرضى المنتشرة في انتظام على أرضية الغرفة الفسيحة.
– وقف على قدميه بمعجزة… سار بخطوات ملتوية نحو الباب ، خارت قواه ، كاد يهوي ، لولا أن تلقفته يد " الأخت " الممرضة و بنعومة مفتعلة و صوت ماكر قالت له :
– لا . لا تخرج الآن … محمد العربي ينتظرك في الخارج ليخنقك ، فلا تخرج الآن حتى يأتي السيد المسيح ليطرده ، ويفتح لك باب السلام والخير ، وسيحضر لك الهدايا الكثيرة … ثم حملته إلى سريره وغطته بالرداء الأبيض الناعم ، ثم قالت له :
– ابق في فراشك يا ولدي ، سأذهب وآتيك بقطعة من الشكولاطة من عند السيد المسيح !
ورسمت شارة الصليب على صدرها ثم ولت … رنّت كلمة السيد المسيح في أذنيه وأخذه صداع رهيب فتعالى صوته شيئا فشيئا بالصراخ : السيد المسيح السيد المسيح … ووضع يديه على رأسه الذي خيل إليه أنه سينفجر ، وضغط بشدّة وأخذ يتقلب ذات اليمين وذات الشمال .
كان إلى جانبه شيخ عجوز اشتعل منه الرأس شيبا، فقام إليه ووضع يديه على منكبيه الغضين وحاول تهدئته بلطف … رمقه الصبي بنظرة حائرة وحرك لسانه بصعوبة :
– من هو السيد المسيح ؟ وهل هو حقا الذي يعطي دائما الخبز والحلوى ومحمد يسرقها مني !؟ .
– لا ؛ لا يابني لا تصدق هؤلاء النصارى ، إنهم يريدون منك ترك دينك لتصبح نصرانيا مثلهم فحذار حذار أن يخدعوك ؟
– ولماذا يفعلون بي ذلك يا عمي !؟
– إنهم يكرهون الإسلام ونبي الإسلام محمد العربي … وأحس الشيخ بقدوم الأخت الممرضة فعاد إلى سريره على عجل ! فرمته بنظرة مريبة ثم أقبلت على الصبي:
– أنظر ماذا أحضرت لك يا جوزيف …!
– أنا اسمي يوسف …؟
– بل أنت جوزيف هذه إرادة السيد المسيح الذي أعطاك هذه الهدية من الشكولاطة…
ألا تحب السيد المسيح ؟ خذ … تذوق ؟
مدّ الطفل يده في تردد ثم سحبها قليلا إلى الوراء … فارتسمت علامات الخوف على وجه الممرضة …
– كيف ؟! ترد هدية السيد المسيح !
ومدّ يده ثانية وأخذ القطعة ووضعها على صدره…جاء المساء وأقبلت الممرضة ثانية لتطلب منه أن يستعد لمقابلة حضرة القس … وبعد أن ألبسته ثوبا جديدا أخذت بيده إلى غرفة ملحقة بالمستشفى … طرقت الباب وبعد أن أذن لها القس دخلت رفقة الطفل الصغير…الغرفة مضاءة بالشمـوع وتبدو في الواجهة تماثيل عديدة للسيدة العذراء والسيد المسيح على الصليب، وفي وسط الغرفة إناء كبير فيه الماء المقدّس ، والقس راكع على ركبتيه يدعو… رسم القس علامة الصليب على صدره وقام ببطء …مشى ناحية الإناء حتى إذا حاذاه طلب من الصبي الاقتراب …
– تعال يا ولدي ليباركك الرب تعال …
تسمّر الصبي في مكانه وأبى أن يتقدم… فدفعته الأخت الممرضة في ظهره بلطف:
– تقدم يا عزيزي ليعمدك الأب ، و تدخل ملكوت السماء تقدم… سار الصبي في خطوات جزعة، و قلب واجف و أنفاس تتسارع و عينين متألـقـتين بدمع متحير و ما إن دنا من القس حتى غمس هـذا الأخير يده في الإناء ثم رفعها لينثر بأصابعه رشاش الماء على وجه الصبي ويهمهم بكلمات طقوسية غريبة ، لم يفهم منها الصغير سوى:
المسيح يحبك… المسيح يحبّك… فانتفض هلعا وصرخ من كل أعماقه.
وأنا أحبّ محمدا النبي العربي… أحبّ محمدا النبي العربي… !
فبهت القس مكانه و تلعثم لسانه … وسقطت الأخت على الأرض من هول المفاجأة.

منقول من الكاتب : أبو تقيّ الدّين .

رائعة بحق ,,

تصوير أدبي احترافي للمشاهد ,,

يسافر بالقارئ بعيدا إلى أرض الصومال ليرى الحقيقة بعين دامعة ,

ما أنشط هؤلاء القوم و أخبثهم , متى كانت اللقمة ثمنا للعقيدة والإيمان ؟

جعل الله كيدهم في نحورهم و ثبت أهل الإسلام أينما كانوا على دينهم ,,

صفحة ملطخة بالخزي و العار من تاريخ الأمة ,حين تباع المقدسات بالدراهم و المتفرجون كثير ,

هوى الصليب و سيهوي ..

وسيبقى أتباع محمد النبي العربي صلى الله عليه و سلم غصة في حناجرهم وحنظلا يلوكه العدا,

سلمت يداك غاليتي Paran0ia , على النقل الطيب الهادف

جزاك الله خير الجزاء .

يزااج الله خيير

جزاك الله خيرا ==== روووعه القصه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.