بانقلكم رسائل من بريد الجمعه باتمني من ربنا انها تكون مفيده ليكم
عندنا في مصر بيقولو الي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته
وعشان نحمد ربنا كمان علي الي ادهولنا
ما هو بريد الجمعه
باب في جريده مصريه الاهرام والناس بتبعت لصاحب البريد المشكله وهو بيقوله عن رايه في حلها وهو استاذ متخصص يسمي عبد الوهاب مطاوع ومن بعده خليل رمضان
ياريت تعرفو وتفهمو اللهجه المصريه
من هو الاستاذ (عبد الوهاب مطاوع)؟
أديب وصحفي مصري ولد بمدينة دسوق تخرج في كلية الآداب قسم الصحافة جامعة القاهرة يعمل بالاهرام منذ كان في السابعة عشر من عمرة تقريبا كتب باب بريد الجمعة الاسبوعي بجريدة الاهرام بإنتظام منذ ما يقرب من ثمانية عشر عاما وأشرف على باب بريد الأهرام اليومي رأس تحرير مجلة الشباب حصل على جائزة علي ومصطفى أمين الصحفية كأحسن صحفي يكتب في المسائل الانسانية
له عدة كتب بعضها قصص قصيرة والبعض الآخر يتضمن بعض القصص
إصطفاها من رسائل بريد الجمعة والبعض الآخر في أدب الرحلات
ما تم نقله حتي الان:
1)رسالة العام الاخير
https://forum.uaewomen.net/showpost.p…25&postcount=2
واليكم الرساله الثانيه:
عندنا في مصر بيقولو الي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته
وعشان نحمد ربنا كمان علي الي ادهولنا
ما هو بريد الجمعه
باب في جريده مصريه الاهرام والناس بتبعت لصاحب البريد المشكله وهو بيقوله عن رايه في حلها وهو استاذ متخصص يسمي عبد الوهاب مطاوع ومن بعده خليل رمضان
ياريت تعرفو وتفهمو اللهجه المصريه
من هو الاستاذ (عبد الوهاب مطاوع)؟
أديب وصحفي مصري ولد بمدينة دسوق تخرج في كلية الآداب قسم الصحافة جامعة القاهرة يعمل بالاهرام منذ كان في السابعة عشر من عمرة تقريبا كتب باب بريد الجمعة الاسبوعي بجريدة الاهرام بإنتظام منذ ما يقرب من ثمانية عشر عاما وأشرف على باب بريد الأهرام اليومي رأس تحرير مجلة الشباب حصل على جائزة علي ومصطفى أمين الصحفية كأحسن صحفي يكتب في المسائل الانسانية
له عدة كتب بعضها قصص قصيرة والبعض الآخر يتضمن بعض القصص
إصطفاها من رسائل بريد الجمعة والبعض الآخر في أدب الرحلات
ما تم نقله حتي الان:
1)رسالة العام الاخير
https://forum.uaewomen.net/showpost.p…25&postcount=2
واليكم الرساله الثانيه:
اليوم السابع!
أنا شابة في الثالثة والعشرين من عمري, ارتبطت وأنا في السادسة عشرة عاطفيا بشاب يكبرني بعشر سنوات, وخلال هذا الارتباط سافر الي فرنسا في بعثة للحصول علي الدكتوراه في القانون التجاري, ورجع بعد ثلاث سنوات ظافرا بها ومقيما علي الحب الذي جسم بيننا فازداد فخري به واعتزازي بتدينه وثقافته الراقية واحساسه المرهف, ثم تمت خطبتنا وأنا طالبة بالسنة الأولي بكلية الاقتصاد المنزلي, واستمرت الخطبة عامين توثقت خلاله روابطنا أكثر فأكثر ثم تم عقد القران في حفلة جميلة, وبعدها بأربعة أشهر توجنا قصة الحب الطويلة بالزفاف في حفلة أخري نالت اعجاب الجميع..
وبدأنا حياتنا الزوجية معا وأنا في الحادية والعشرين من عمري, ومن اليوم الأول أدركت انني قد تزوجت من رجل تتمناه كل فتاة في مثل سني, وعاهدت نفسي علي أن أهبه كل مافي طاقتي من حب وحنان, ودعوت الله أن يعينني علي ذلك وان يشملنا برعايته ليكون بيتنا قائما دائما علي الود والتفاهم..
والحق أني قد شعرت بانني أعيش في حلم جميل من اليوم الأول الذي تفتح فيه وعيي للحياة, فلقد حظيت دائما بحب أبي وأمي وأخوتي, ونشأت في بيت يسوده الوئام.. وتتعاون فيه أمي مع أبي في كل شيء حتي في مجال عملهما الذي يتشاركان فيه..
فكان تساؤلي دائما هو: هل تستمر الحياة وردية اللون هكذا, كما بدت لي طوال السنوات الماضية؟ ولم يتأخر الجواب عني كثيرا فبعد ستة أيام من الزفاف الجميل والسعادة الصافية.. ارتفعت درجة حرارتي وزرت الطبيب فشخص حالتي بانها التهاب في المثانة ووصف لي العلاج وفي اليوم السابع صحوت من نومي وأنا أشعر بتنميل غريب في قدمي الاثنتين.. فظننته في البداية تنميلا عاديا كالذي نشعر به حين نضغط لبعض الوقت علي إحدي القدمين.. فينحبس الدم فيها, ونفقد الشعور بها جزئيا الي ان تنشط الدورة الدموية فيها مرة أخري, لكن التنميل استمر.. وازداد.. وحاولت النهوض فشعرت بعدم قدرتي علي الحركة.. واتصلت تليفونيا بأمي لاشكو لها ما أشعر به فهرولت الي ومعها والدة احدي صديقاتي وهي طبيبة ففحصتني باهتمام ثم ظهرت عليها علامات الانزعاج ووجدتها تطلب من أبي وأمي وزوجي نقلي علي الفور الي مستشفي عين شمس التخصصي, لانها اكتشفت اصابتي بفيروس في النخاع الشوكي, وهو مرض إذا اصاب الجسم فانه يبدأ بفقد الاحساس في الاطراف السفلي ثم يتصاعد فيه الي ان يصل الي المخ.., ونتائجه تتراوح بنسب متكافئة بين الشلل التام لكل الجسم أو الموت أو الشفاء منه بعد عناء طويل وعلاج مضن.
وتم نقلي علي الفور الي المستشفي وخلال وجودي في حجرة الاستقبال بالمستشفي في انتظار نقلي الي حجرتي اقترب مني زوجي وأنا في شدة الخوف والاضطراب.. ثم همس في أذني ببضع كلمات يحثني فيها علي الصبر والتحمل.. والشجاعة, ويقول لي إن هذه هي أول شدة تواجهنا معا, وسوف نصمد لها ونجتازها بالصبر والتحمل والايمان.. فهدأت نفسي بعض الشيء, وامتثلت لأقداري وأمضيت الليلة الثامنة لي بعد الزفاف في المستشفي.. وليس في عش الزوجية.. وبدأ علاجي علي الفور بالكورتيزون ولمدة5 أيام متصلة علي مدي24 ساعة.., وأمي تبكي وأبي ينطق وجهه بالألم.. وإخوتي مضطربون.. وزوجي يحاول التماسك أمامي ولا يكف عن تشجيعي وشد أزري.., والأطباء يقولون لي ان الاكتشاف المبكر لحقيقة المرض سوف يساعد باذن الله علي تحقيق نتائج طيبة للعلاج.
ومضت أيام المستشفي ثقيلة وطويلة.. وذات يوم وجدت أصبعا في قدمي اليمني تتحرك فبكيت لأول مرة منذ داهمتني هذه المحنة.. ونبهت الطبيب اليه فسعد بذلك جدا, وقال لي إن هذا دليل علي وجود حياة بالعصب, وعلي أن العلاج بالكورتيزون قد بدأ يؤتي أثره.
وبالرغم من الاعياء الذي كنت أشعر به من تأثير الأدوية المستمرة, فقد وجدت في نفسي رغبة قوية في الاستذكار وأداء امتحان السنة الثالثة بكليتي, وحاول أبي وأمي اقناعي بالاعتذار عنه فرفضت ذلك وقلت لهما إنني إذا كنت قد فقدت الاحساس بقدمي وساقي فإني لم أفقد الاحساس بيدي وذراعي ومازال عقلي بخير.. وأيدني زوجي في هذا القرار, وبدأت وأنا في المستشفي في الاستعداد للامتحان وراح زملائي وزميلاتي بالكلية يمدونني بكل ماأحتاج اليه من كتب ومذكرات.. وخلال وجودي بالمستشفي جاء عيد الأضحي.. وشاهدت في التليفزيون الحجيج وهم يطوفون بالكعبة المشرفة.. فتذكرت يوم طفت حولها علي قدمي مثلهم.. وكيف قبلت فيها الحجر الأسعد.. فانهمرت دموعي بغزارة وبكيت طويلا, وراح من حولي يحاولون التخفيف عني..
ثم جاء يوم خروجي من المستشفي.. وبالرغم من انني غادرته فوق كرسي متحرك إلا انني كنت سعيدة لانني سأرجع الي بيتي ومملكتي التي لم أهنأ بها سوي أسبوع واحد.., ورغبت أمي ان انتقل من المستشفي الي بيت اسرتي لكي ترعاني وتمرضني وتشرف علي علاجي الذي سيطول شهورا وشهورا الي ان يأذن الله لي بالشفاء.. وتمسكت برغبتها هذه لسبب آخر اضافي هو ان فقدي الاحساس بالنصف السفلي من جسمي, قد افقدني القدرة علي التحكم في الاخراج فرغبت أمي ألا يري مني زوجي الشاب ماقد اخجل أنا من أن يراه أو مايتناقض مع صورة العروس الجميلة التي تزوجها.. لكني رغم تقديري لدوافع أمي لم اشاركها رأيها هذا.. وصممت علي أن اغادر المستشفي الي بيتي وليس الي بيت أسرتي, وقلت لأمي إنني أريد أن أري كيف سيقف زوجي الي جواري في هذه المحنة وهل سيقبلني في حالة المرض بنفس الروح التي يتقبلني بها في حالة الصحة أم لا.., وهل سيصمد لهذه المحنة أم سيتخلي عني فيها؟
ورجعت الي بيتي الصغير عاجزة عن المشي, ووجهي منتفخ وتنتشر فيه البثور من أثر الأدوية, وتقبلت حياتي الجديدة بشجاعة ورضا وتمسكت بالأمل في الشفاء الكامل والعودة الي الحركة والنشاط ذات يوم قريب أو بعيد ووجدت في زوجي كل ماتمنيته فيه من حب ومساندة ورعاية وحنان.
واستكملت العلاج في البيت وبذل زوجي وأمي وأبي كل مافي وسعهم للعناية بي, اما اختي التي تصغرني بست سنوات فقد راحت تحملني من مكان لمكان وكأنها اختي الكبري, وأمي وليست الأخت الصغيرة..
وتقدمت الي الامتحان وأنا علي الكرسي المتحرك ونجحت فيه بحمد الله وتوفيقه..
ثم بدأت لأول مرة في المشي قليلا بمساعدة المشاية داخل البيت.., وتزايد الأمل في الشفاء التام في نفوسنا وأشرقت البهجة علينا.. فاذا بي أصاب فجأة بمرض جلدي في كتفي راح يسبب لي آلاما رهيبة ضاعفت من معاناتي.. وتبين من الفحص انه مرض ينتج عن فيروس كامن في الجسم لكنه لاينشط إلا إذا ضعفت مناعة الجسم ويكو ظهوره علي شكل بقعة في الجلد يشعر الانسان فيها بشكشكة إبر حادة مؤلمة ولا تتوقف ولا علاج لها إلا بالمسكنات.. وتحملت هذه الآلام الرهيبة الجديدة واستعنت عليها بذكر الله.. والاستنجاد به ان يخففها عني ويشفيني من كل امراضي..
ومضت الأيام وأنا أعاني من آلام وأحزان لاقبل لي بها.. وراح من حولي يتساءلون: لماذا يحدث لي كل ذلك.. ولجأوا الي المشايخ يستفسرونهم في ذلك, وفي اليوم الذي اشتد بي فيه الحزن علي نفسي اراد الله سبحانه وتعالي ان يذكرني بنعمته علي ويخفف عني احزاني.. فإذا بي اكتشف انني حامل! وإذا بمشاعري تتضارب بين السعادة بهذا الحمل والقلق بشأنه, وكان مبرر القلق عندي هو انني فاقدة الاحساس بنصفي الأسفل جزئيا.. فكيف سأشعر بما تشعر به الحامل خلال شهور الحمل.., وهل ستؤثر اطنان الأدوية التي تناولتها علي الجنين.., وهل سيجيء الي الحياة صحيحا معافي أم متأثرا بسموم الدواء؟
أما والدتي فلقد اشتد قلقها علي حين علمت بنبأ الحمل.. لانه يتطلب التوقف عن تناول المسكنات القوية التي تهديء من آلام المرض الجلدي, فكيف سأتحمل هذه الآلام إذا توقفت عن المسكنات..؟, وبعد تفكير قصير نصحتني أمي بالتخلص من الجنين لأني لن استطيع احتمال آلام المرض الجلدي ومتاعب الحمل مع أثار الأدوية التي تناولتها.. ولأن الحمل سيؤثر علي صحتي التي تعاني من أثار الأدوية.. كما أن هناك شكا قويا في قدرتي علي الولادة الطبيعية واحتمال آلامها.. لكني تمسكت بجنيني باصرار, وقلت لأمي إنني سأتوقف عن تناول المسكنات, وسوف اتحمل آلام المرض الجلدي, ومتاعب الحمل صابرة, ولن أفرط في جنيني مهما كان العناء..
وتوقفت بالفعل عن المسكنات, وعانيت الآلام الجلدية المبرحة.. حتي كانت أمي تمزق من فوق كتفي بلوزاتي وفساتيني لأنني لااطيق ملمس أي شيء فوق البقعة الجلدية المصابة.., ولمس زوجي معاناتي وآلامي فشعر بالندم والمسئولية عن هذا الحمل الذي ضاعف من عنائي..
فهل تعرف ماذا فعل بي هذا الحمل الذي توجست منه أمي وابي وزوجي اشفاقا علي من متاعبه, ومما قد يحمله لي المستقبل من جنين ضعيف أو مشوه بسبب الأدوية؟
لقد تحسنت قدرتي علي الحركة والمشي خلال شهور الحمل بدرجة ملحوظة.. ورجعنا الي الأطباء في ذلك فقالوا لناإن سبب هذا التحسن هو الحمل لأنه يساعد علي الشفاء من فيروس النخاع الشوكي حتي إن الأطباء في أمريكا يعالجونه بدواء مستخلص من مشيمة الجنين.
ولقد غرس الله في أحشائي هذا الدواء الطبيعي من حيث لا أدري ولا أحتسب فتحسنت قدرتي علي المشي والحركة, بدرجة كبيرة ولم يبق إلا المثابرة علي العلاج الطبيعي ليطرد التحسن والتقدم!
ثم توالت علي بعد ذلك جوائز السماء للصابرين التي تتحدث عنها كثيرا.. فخفت آلام المرض الجلدي تدريجيا, وشعرت بمقدمات الحمل كأي أنثي عادية, وتمت الولادة بطريقة طبيعية تماما, كما تلد أي امرأة أخري ورزقني الله بطفلة صحيحة الجسم وطبيعية جميلة وكثيرة الحركة, وامضيت ثلاثة أشهر في بيت اسرتي اعانتني خلالها أمي في رعاية طفلتي ثم رجعت الي بيتي فوجدت في زوجي خير معين لي علي العناية بها, واستذكرت خلال ذلك دروس العام الأخير لي بالكلية, وتقدمت للامتحان علي كرسي متحرك ايضا, وحصلت علي شهادتي بتقدير جيد, فأي نعم وأي جوائز أكبر مما غمرني به الله من فضله ونعمه؟
لقد مر عامان الآن ياسيدي علي بداية هذه المحنة.. ومازلت اواصل العلاج الطبيعي ولقد أصبحت بفضله أحسن حالا.. فاذا تكاسلت عنه يوما واحدا ذكرتني أمي بما قاله الأطباء من ان ماحدث لي يعد معجزة الهية بكل معني الكلمة لأن من تعرضوا لما تعرضت له كان أقصي أملهم هو ان يستطيعوا المشي ذات يوم بمساعدة العكاز أما أنا فامشي بصورة جيدة الي حد ما, وقابلة للتحسن أكثر كلما ثابرت علي العلاج الطبيعي وصبرت عليه.. وأنا اثابر عليه بالفعل ولا أكل منه.. إن لم يكن من اجلي فمن اجل طفلتي التي بلغت شهرها الثامن عشر منذ أيام.. ومن أجل من يحبونني ويرجون لي الشفاء التام من افراد أسرتي كلهم..
أما زوجي فأي كلمات استطيع ان أقولها لكي افيه حقه من الشكر والثناء.. لقد اجتزنا المحنة معا, كما وعدني في اليوم الأول من المرض, ولم يتخل عني لحظة واحدة خلالها.. ولم تتغير مشاعره نحوي وهو يراني في حال تتناقض مع صورة العروس الشابة في مخيلته, ولم يأنف من مساعدتي فيما قد يأنف البعض منه أو يخجلون, فماذا أقول له وعنه.. وماذا أقول عن أبي وأمي واخوتي وكل احبائي, سوي ان أدعو الله لهم جميعا أن يمتعهم بصحتهم جميعا ويمن عليهم بالسعادة وكل جوائز السماء..
إنني وان كنت لم أبلغ بعد مرحلة الشفاء التام إلا انني علي يقين من ان الله سبحانه وتعالي سينعم علي به مهما طال الانتظار كما انعم علي من قبل بالنجاة من مضاعفات المرض.. وباستعادة القدرة نسبيا علي المشي وكما انعم علي بطفلتي وبحب زوجي وأمي وأبي واخوتي واحبائي.. ولقد كتبت لك رسالتي هذه لاسدد بعض ديني لهم جميعا. ولأرجو كل من يواجه مثل هذه المحنة المرضية ان يتقبل اقداره بصبر ورضا ويتمسك بالأمل في الله سبحانه وتعالي.. ان يهبه الشفاء وينعم عليه باستعادة الصحة.., والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
««ولكاتبة هذه الرسالة أقول»»
محن الحياة تنضج الانسان علي نار الألم وتكسبه من الحكمة والفهم الصحيح للحياة مالم تكن تسمح له به سنه.. لو كانت رحلته في الحياة قد مضت ناعمة وخالية من كل اختبار.. فالألم هو خير معلم للانسان حقا ونحن نتعلم من احزاننا وهمومنا مالاتستطيع الحياة اللاهية ان تعلمنا إياه.. ولو لم يكن الأمر كذلك فكيف كان لفتاة صغيرة السن مثلك عاشت حياة هانئة وتوجت قصة حبها الوحيدة بالزواج في سن الحادية والعشرين, ان تكتسب هذه الحكمة التي تنضح بها سطور رسالتك؟
لقد أضافت هذه المحنة القاسية التي اختبرتك بها الاقدار الي عمرك عمرا آخر بكل دروسه وتجاربه.. فعسي ان يكون نصيبك من السعادة مضاعفا أيضا ياابنتي.
غير انني أتصور أن خبرة الألم التي انضجتك في سن مبكرة لم تكن وحدها هي كل زادك الذي اعانك علي الصمود لهذه المحنة الطارئة.. وانما يخيل الي أيضا انه قد اعانك عليه امران, بعد ايمانك العميق بربك وثقتك المطلقة في رحمته بك, الأول هو قوة ارادتك وصلابتك النفسية بالرغم من ان حياتك السابقة لهذه المحنة لم تختبر هذه الصلابة من قبل, ولم تكشف عنها. والثاني هو انك حين داهمتك هذه المحنة لم يكن رصيدك من الحب والسعادة خاليا, فاعانك هذا الرصيد الثمين علي مواجهة المحنة والصمود لها.
فأما انك انسانة صلبة وقوية الارادة بالرغم من سنك الصغيرة.. فلقد تمثل ذلك في عدة مواقف تؤكد كلها هذه الحقيقة, فلقد تمسكت باداء امتحان السنة الثالثة بكليتك وانت في قمة المحنة المرضية.. ولم تستسلمي للرثاء لنفسك ولم تستجيبي لاشفاق أبويك عليك من تحمل هذا العناء الاضافي, فكان لك ماأردت واجتزت الامتحان بنجاح, وساهم ذلك بقدر مافي تحسين حالتك النفسية.
وتمسكت بالخروج من المستشفي الي عشك الصغير وليس الي بيت اسرتك وفضلت ان يعيش معك زوجك الوجه الآخر للحياة لكي يؤكد كل منكما للآخر بالتجربة العملية وليس بالكلام الوردي انه قد اختار شريك حياته بحق للأفضل والأسوأ علي حد التعبير الذي يردده الزوجان في بعض الكنائس الغربية, وفي الصحة والمرض.. وفي السراء والضراء.. وليس في أوقات الهناء وحدها فاذا ماداهمت احدهما محن الحياة تحول عنه, أو أسرع بالفرار منه.
فكان لك ماأدت أيضا وكشفت لك المحنة عن معدن زوجك الأصيل وعمق ارتباطه بك.. وايمانه معك بأن الحياة الزوجية ليست صحبة لاهية في اوقات السعادة وحدها, وانما شراكة حقيقية في كل امور الحياة بخيرها وشرها.
وتمسكت كذلك بالاحتفاظ بجنينك في وجه اشفاق الجميع عليك من متاعبه وهواجسهم المشروعة من مخاطره عليك.. وأولها معاناتك لآلام المرض الجلدي الرهيبة بغير الاستعانة عليها بالمسكنات.. وآخرها متاعب الحمل نفسه.. ومخاطر الولادة في ظروفك الصحية المؤلمة.. وهواجسهم الخوف من ان يجئ طفلك للحياة عليلا أو مشوها من أثر الأدوية القاتلة التي تجرعتها.
فكان لك ماأردت كذلك واثبتت التجربة من جديد أن مايختاره لنا الله سبحانه وتعالي أفضل كثيرا من اختيارنا نحن البشر لانفسنا, فكان حملك الذي تخوف منه الجميع, نعمة عليك من حيث لايحتسب احد, وعلاجا الهيا لدائك العضال, وخيرا سماويا لك من كل الجوانب فمضت شهور الحمل عادية.. وتمت الولادة بطريقة طبيعية.. وانعم عليك ربك بأكبر مانلت من جوائز جزاء وفاقا لحسن ظنك به وصدق ايمانك به.. وصبرك علي قضائه.. فجاءت طفلتك الجميلةصحيحة معافاة لتمسح كل الأحزان.., ولتذكرنا إذا كنا قد نسينا بان قضاء الله عدل, وحكمة نافذ, صبر المرء أم جزع, غير انه مع الصبر الأجر, ومع الجزع الوزر.
وأنت بفضل ربك عليك لم تجزعي ولم تهني ولم تفقدي ايمانك بربك فكان وعد الله لك حقا.. وكان فضله عليك عظيما.
واما ان رصيد الحب والسعادة في حياتك قد اعانك مع ايمانك بربك وحسن ظنك به علي الصمود للمحنة.. فلقد ثبت علميا ان نسبة شفاء الاشخاص الذين يؤمنون بربهم من امراضهم وصمودهم للمرض بقوة الايمان والأمل في رحملة الله.. أكبر من نسبته بين هؤلاء الذين لا تعمر قلوبهم بالايمان.. ولا يمتثلون لقضاء الله ولا يتمسكون بالأمل في رحمته, كما ثبت أيضا أن الاشخاص الذين يواجهون محنة المرض العضال ومن ورائهم رصيد كاف من الحب الصادق والسعادة, يستمدون من هذا الرصيد مايدفعهم للتمسك بالحياة والأمل في الشفاء.. ويخفف عنهم ماينعمون به من حب صادق وسعادة حقيقية في حياتهم مايلاقون من عناء المرض, فتزداد قدرتهم علي المقاومة.. والصمود.., وان كان هناك من يستحقون الرثاءلهم بحق فهم هؤلاء الذين تقسو عليهم الحياة باختباراتها ومحنها, وليس في رصيدهم من الحب والسعادة مايسحبون منه ليتسلحوا به في مقاومة محنهم واختباراتهم, فكأنما يواجهون محن الحياة بالسحب علي المكشوف, من رصيد لم يعمر بالسعادة ولم يعرف الحب.. وهؤلاء هم من لايجدون للأسف من يخفف عنهم آلامهم أو يأسو جراحهم أو يمدهم بالدعم النفسي الذي يعينهم علي اجتياز المحن والصمود للاختبارات.
ولقد كان من رفق الاقدار بك ان واجهت هذه المحنة ورصيدك عامر بالحب والسعادة, اعانك شريك حياتك وأبواك واخوتك علي الصمود لها واجتيازها بسلام والحمد لله..
فعسي أن يتم ربك نعمته عليك.. ويعيد اليك كامل قدرتك علي المشي والحركة, لتواصلي رحلة الحياة والسعادة مع شريك حياتك وطفلتك, وأهلك الي غايتها المرجوة.. وعسي ان تصبح قصة هذه المحنة المؤلمة ذات يوم قريب مجرد ذكري لمحنة مرضية ألمت بك وحينئذ تروينها في لابنائك واحفادك وترجين لهم حياة حافلة بالهناء والسعادة كتلك التي أغدقت بها عليك الاقدار قبل وبعد هذه المحنة الطارئة باذن الله.
أنا شابة في الثالثة والعشرين من عمري, ارتبطت وأنا في السادسة عشرة عاطفيا بشاب يكبرني بعشر سنوات, وخلال هذا الارتباط سافر الي فرنسا في بعثة للحصول علي الدكتوراه في القانون التجاري, ورجع بعد ثلاث سنوات ظافرا بها ومقيما علي الحب الذي جسم بيننا فازداد فخري به واعتزازي بتدينه وثقافته الراقية واحساسه المرهف, ثم تمت خطبتنا وأنا طالبة بالسنة الأولي بكلية الاقتصاد المنزلي, واستمرت الخطبة عامين توثقت خلاله روابطنا أكثر فأكثر ثم تم عقد القران في حفلة جميلة, وبعدها بأربعة أشهر توجنا قصة الحب الطويلة بالزفاف في حفلة أخري نالت اعجاب الجميع..
وبدأنا حياتنا الزوجية معا وأنا في الحادية والعشرين من عمري, ومن اليوم الأول أدركت انني قد تزوجت من رجل تتمناه كل فتاة في مثل سني, وعاهدت نفسي علي أن أهبه كل مافي طاقتي من حب وحنان, ودعوت الله أن يعينني علي ذلك وان يشملنا برعايته ليكون بيتنا قائما دائما علي الود والتفاهم..
والحق أني قد شعرت بانني أعيش في حلم جميل من اليوم الأول الذي تفتح فيه وعيي للحياة, فلقد حظيت دائما بحب أبي وأمي وأخوتي, ونشأت في بيت يسوده الوئام.. وتتعاون فيه أمي مع أبي في كل شيء حتي في مجال عملهما الذي يتشاركان فيه..
فكان تساؤلي دائما هو: هل تستمر الحياة وردية اللون هكذا, كما بدت لي طوال السنوات الماضية؟ ولم يتأخر الجواب عني كثيرا فبعد ستة أيام من الزفاف الجميل والسعادة الصافية.. ارتفعت درجة حرارتي وزرت الطبيب فشخص حالتي بانها التهاب في المثانة ووصف لي العلاج وفي اليوم السابع صحوت من نومي وأنا أشعر بتنميل غريب في قدمي الاثنتين.. فظننته في البداية تنميلا عاديا كالذي نشعر به حين نضغط لبعض الوقت علي إحدي القدمين.. فينحبس الدم فيها, ونفقد الشعور بها جزئيا الي ان تنشط الدورة الدموية فيها مرة أخري, لكن التنميل استمر.. وازداد.. وحاولت النهوض فشعرت بعدم قدرتي علي الحركة.. واتصلت تليفونيا بأمي لاشكو لها ما أشعر به فهرولت الي ومعها والدة احدي صديقاتي وهي طبيبة ففحصتني باهتمام ثم ظهرت عليها علامات الانزعاج ووجدتها تطلب من أبي وأمي وزوجي نقلي علي الفور الي مستشفي عين شمس التخصصي, لانها اكتشفت اصابتي بفيروس في النخاع الشوكي, وهو مرض إذا اصاب الجسم فانه يبدأ بفقد الاحساس في الاطراف السفلي ثم يتصاعد فيه الي ان يصل الي المخ.., ونتائجه تتراوح بنسب متكافئة بين الشلل التام لكل الجسم أو الموت أو الشفاء منه بعد عناء طويل وعلاج مضن.
وتم نقلي علي الفور الي المستشفي وخلال وجودي في حجرة الاستقبال بالمستشفي في انتظار نقلي الي حجرتي اقترب مني زوجي وأنا في شدة الخوف والاضطراب.. ثم همس في أذني ببضع كلمات يحثني فيها علي الصبر والتحمل.. والشجاعة, ويقول لي إن هذه هي أول شدة تواجهنا معا, وسوف نصمد لها ونجتازها بالصبر والتحمل والايمان.. فهدأت نفسي بعض الشيء, وامتثلت لأقداري وأمضيت الليلة الثامنة لي بعد الزفاف في المستشفي.. وليس في عش الزوجية.. وبدأ علاجي علي الفور بالكورتيزون ولمدة5 أيام متصلة علي مدي24 ساعة.., وأمي تبكي وأبي ينطق وجهه بالألم.. وإخوتي مضطربون.. وزوجي يحاول التماسك أمامي ولا يكف عن تشجيعي وشد أزري.., والأطباء يقولون لي ان الاكتشاف المبكر لحقيقة المرض سوف يساعد باذن الله علي تحقيق نتائج طيبة للعلاج.
ومضت أيام المستشفي ثقيلة وطويلة.. وذات يوم وجدت أصبعا في قدمي اليمني تتحرك فبكيت لأول مرة منذ داهمتني هذه المحنة.. ونبهت الطبيب اليه فسعد بذلك جدا, وقال لي إن هذا دليل علي وجود حياة بالعصب, وعلي أن العلاج بالكورتيزون قد بدأ يؤتي أثره.
وبالرغم من الاعياء الذي كنت أشعر به من تأثير الأدوية المستمرة, فقد وجدت في نفسي رغبة قوية في الاستذكار وأداء امتحان السنة الثالثة بكليتي, وحاول أبي وأمي اقناعي بالاعتذار عنه فرفضت ذلك وقلت لهما إنني إذا كنت قد فقدت الاحساس بقدمي وساقي فإني لم أفقد الاحساس بيدي وذراعي ومازال عقلي بخير.. وأيدني زوجي في هذا القرار, وبدأت وأنا في المستشفي في الاستعداد للامتحان وراح زملائي وزميلاتي بالكلية يمدونني بكل ماأحتاج اليه من كتب ومذكرات.. وخلال وجودي بالمستشفي جاء عيد الأضحي.. وشاهدت في التليفزيون الحجيج وهم يطوفون بالكعبة المشرفة.. فتذكرت يوم طفت حولها علي قدمي مثلهم.. وكيف قبلت فيها الحجر الأسعد.. فانهمرت دموعي بغزارة وبكيت طويلا, وراح من حولي يحاولون التخفيف عني..
ثم جاء يوم خروجي من المستشفي.. وبالرغم من انني غادرته فوق كرسي متحرك إلا انني كنت سعيدة لانني سأرجع الي بيتي ومملكتي التي لم أهنأ بها سوي أسبوع واحد.., ورغبت أمي ان انتقل من المستشفي الي بيت اسرتي لكي ترعاني وتمرضني وتشرف علي علاجي الذي سيطول شهورا وشهورا الي ان يأذن الله لي بالشفاء.. وتمسكت برغبتها هذه لسبب آخر اضافي هو ان فقدي الاحساس بالنصف السفلي من جسمي, قد افقدني القدرة علي التحكم في الاخراج فرغبت أمي ألا يري مني زوجي الشاب ماقد اخجل أنا من أن يراه أو مايتناقض مع صورة العروس الجميلة التي تزوجها.. لكني رغم تقديري لدوافع أمي لم اشاركها رأيها هذا.. وصممت علي أن اغادر المستشفي الي بيتي وليس الي بيت أسرتي, وقلت لأمي إنني أريد أن أري كيف سيقف زوجي الي جواري في هذه المحنة وهل سيقبلني في حالة المرض بنفس الروح التي يتقبلني بها في حالة الصحة أم لا.., وهل سيصمد لهذه المحنة أم سيتخلي عني فيها؟
ورجعت الي بيتي الصغير عاجزة عن المشي, ووجهي منتفخ وتنتشر فيه البثور من أثر الأدوية, وتقبلت حياتي الجديدة بشجاعة ورضا وتمسكت بالأمل في الشفاء الكامل والعودة الي الحركة والنشاط ذات يوم قريب أو بعيد ووجدت في زوجي كل ماتمنيته فيه من حب ومساندة ورعاية وحنان.
واستكملت العلاج في البيت وبذل زوجي وأمي وأبي كل مافي وسعهم للعناية بي, اما اختي التي تصغرني بست سنوات فقد راحت تحملني من مكان لمكان وكأنها اختي الكبري, وأمي وليست الأخت الصغيرة..
وتقدمت الي الامتحان وأنا علي الكرسي المتحرك ونجحت فيه بحمد الله وتوفيقه..
ثم بدأت لأول مرة في المشي قليلا بمساعدة المشاية داخل البيت.., وتزايد الأمل في الشفاء التام في نفوسنا وأشرقت البهجة علينا.. فاذا بي أصاب فجأة بمرض جلدي في كتفي راح يسبب لي آلاما رهيبة ضاعفت من معاناتي.. وتبين من الفحص انه مرض ينتج عن فيروس كامن في الجسم لكنه لاينشط إلا إذا ضعفت مناعة الجسم ويكو ظهوره علي شكل بقعة في الجلد يشعر الانسان فيها بشكشكة إبر حادة مؤلمة ولا تتوقف ولا علاج لها إلا بالمسكنات.. وتحملت هذه الآلام الرهيبة الجديدة واستعنت عليها بذكر الله.. والاستنجاد به ان يخففها عني ويشفيني من كل امراضي..
ومضت الأيام وأنا أعاني من آلام وأحزان لاقبل لي بها.. وراح من حولي يتساءلون: لماذا يحدث لي كل ذلك.. ولجأوا الي المشايخ يستفسرونهم في ذلك, وفي اليوم الذي اشتد بي فيه الحزن علي نفسي اراد الله سبحانه وتعالي ان يذكرني بنعمته علي ويخفف عني احزاني.. فإذا بي اكتشف انني حامل! وإذا بمشاعري تتضارب بين السعادة بهذا الحمل والقلق بشأنه, وكان مبرر القلق عندي هو انني فاقدة الاحساس بنصفي الأسفل جزئيا.. فكيف سأشعر بما تشعر به الحامل خلال شهور الحمل.., وهل ستؤثر اطنان الأدوية التي تناولتها علي الجنين.., وهل سيجيء الي الحياة صحيحا معافي أم متأثرا بسموم الدواء؟
أما والدتي فلقد اشتد قلقها علي حين علمت بنبأ الحمل.. لانه يتطلب التوقف عن تناول المسكنات القوية التي تهديء من آلام المرض الجلدي, فكيف سأتحمل هذه الآلام إذا توقفت عن المسكنات..؟, وبعد تفكير قصير نصحتني أمي بالتخلص من الجنين لأني لن استطيع احتمال آلام المرض الجلدي ومتاعب الحمل مع أثار الأدوية التي تناولتها.. ولأن الحمل سيؤثر علي صحتي التي تعاني من أثار الأدوية.. كما أن هناك شكا قويا في قدرتي علي الولادة الطبيعية واحتمال آلامها.. لكني تمسكت بجنيني باصرار, وقلت لأمي إنني سأتوقف عن تناول المسكنات, وسوف اتحمل آلام المرض الجلدي, ومتاعب الحمل صابرة, ولن أفرط في جنيني مهما كان العناء..
وتوقفت بالفعل عن المسكنات, وعانيت الآلام الجلدية المبرحة.. حتي كانت أمي تمزق من فوق كتفي بلوزاتي وفساتيني لأنني لااطيق ملمس أي شيء فوق البقعة الجلدية المصابة.., ولمس زوجي معاناتي وآلامي فشعر بالندم والمسئولية عن هذا الحمل الذي ضاعف من عنائي..
فهل تعرف ماذا فعل بي هذا الحمل الذي توجست منه أمي وابي وزوجي اشفاقا علي من متاعبه, ومما قد يحمله لي المستقبل من جنين ضعيف أو مشوه بسبب الأدوية؟
لقد تحسنت قدرتي علي الحركة والمشي خلال شهور الحمل بدرجة ملحوظة.. ورجعنا الي الأطباء في ذلك فقالوا لناإن سبب هذا التحسن هو الحمل لأنه يساعد علي الشفاء من فيروس النخاع الشوكي حتي إن الأطباء في أمريكا يعالجونه بدواء مستخلص من مشيمة الجنين.
ولقد غرس الله في أحشائي هذا الدواء الطبيعي من حيث لا أدري ولا أحتسب فتحسنت قدرتي علي المشي والحركة, بدرجة كبيرة ولم يبق إلا المثابرة علي العلاج الطبيعي ليطرد التحسن والتقدم!
ثم توالت علي بعد ذلك جوائز السماء للصابرين التي تتحدث عنها كثيرا.. فخفت آلام المرض الجلدي تدريجيا, وشعرت بمقدمات الحمل كأي أنثي عادية, وتمت الولادة بطريقة طبيعية تماما, كما تلد أي امرأة أخري ورزقني الله بطفلة صحيحة الجسم وطبيعية جميلة وكثيرة الحركة, وامضيت ثلاثة أشهر في بيت اسرتي اعانتني خلالها أمي في رعاية طفلتي ثم رجعت الي بيتي فوجدت في زوجي خير معين لي علي العناية بها, واستذكرت خلال ذلك دروس العام الأخير لي بالكلية, وتقدمت للامتحان علي كرسي متحرك ايضا, وحصلت علي شهادتي بتقدير جيد, فأي نعم وأي جوائز أكبر مما غمرني به الله من فضله ونعمه؟
لقد مر عامان الآن ياسيدي علي بداية هذه المحنة.. ومازلت اواصل العلاج الطبيعي ولقد أصبحت بفضله أحسن حالا.. فاذا تكاسلت عنه يوما واحدا ذكرتني أمي بما قاله الأطباء من ان ماحدث لي يعد معجزة الهية بكل معني الكلمة لأن من تعرضوا لما تعرضت له كان أقصي أملهم هو ان يستطيعوا المشي ذات يوم بمساعدة العكاز أما أنا فامشي بصورة جيدة الي حد ما, وقابلة للتحسن أكثر كلما ثابرت علي العلاج الطبيعي وصبرت عليه.. وأنا اثابر عليه بالفعل ولا أكل منه.. إن لم يكن من اجلي فمن اجل طفلتي التي بلغت شهرها الثامن عشر منذ أيام.. ومن أجل من يحبونني ويرجون لي الشفاء التام من افراد أسرتي كلهم..
أما زوجي فأي كلمات استطيع ان أقولها لكي افيه حقه من الشكر والثناء.. لقد اجتزنا المحنة معا, كما وعدني في اليوم الأول من المرض, ولم يتخل عني لحظة واحدة خلالها.. ولم تتغير مشاعره نحوي وهو يراني في حال تتناقض مع صورة العروس الشابة في مخيلته, ولم يأنف من مساعدتي فيما قد يأنف البعض منه أو يخجلون, فماذا أقول له وعنه.. وماذا أقول عن أبي وأمي واخوتي وكل احبائي, سوي ان أدعو الله لهم جميعا أن يمتعهم بصحتهم جميعا ويمن عليهم بالسعادة وكل جوائز السماء..
إنني وان كنت لم أبلغ بعد مرحلة الشفاء التام إلا انني علي يقين من ان الله سبحانه وتعالي سينعم علي به مهما طال الانتظار كما انعم علي من قبل بالنجاة من مضاعفات المرض.. وباستعادة القدرة نسبيا علي المشي وكما انعم علي بطفلتي وبحب زوجي وأمي وأبي واخوتي واحبائي.. ولقد كتبت لك رسالتي هذه لاسدد بعض ديني لهم جميعا. ولأرجو كل من يواجه مثل هذه المحنة المرضية ان يتقبل اقداره بصبر ورضا ويتمسك بالأمل في الله سبحانه وتعالي.. ان يهبه الشفاء وينعم عليه باستعادة الصحة.., والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
««ولكاتبة هذه الرسالة أقول»»
محن الحياة تنضج الانسان علي نار الألم وتكسبه من الحكمة والفهم الصحيح للحياة مالم تكن تسمح له به سنه.. لو كانت رحلته في الحياة قد مضت ناعمة وخالية من كل اختبار.. فالألم هو خير معلم للانسان حقا ونحن نتعلم من احزاننا وهمومنا مالاتستطيع الحياة اللاهية ان تعلمنا إياه.. ولو لم يكن الأمر كذلك فكيف كان لفتاة صغيرة السن مثلك عاشت حياة هانئة وتوجت قصة حبها الوحيدة بالزواج في سن الحادية والعشرين, ان تكتسب هذه الحكمة التي تنضح بها سطور رسالتك؟
لقد أضافت هذه المحنة القاسية التي اختبرتك بها الاقدار الي عمرك عمرا آخر بكل دروسه وتجاربه.. فعسي ان يكون نصيبك من السعادة مضاعفا أيضا ياابنتي.
غير انني أتصور أن خبرة الألم التي انضجتك في سن مبكرة لم تكن وحدها هي كل زادك الذي اعانك علي الصمود لهذه المحنة الطارئة.. وانما يخيل الي أيضا انه قد اعانك عليه امران, بعد ايمانك العميق بربك وثقتك المطلقة في رحمته بك, الأول هو قوة ارادتك وصلابتك النفسية بالرغم من ان حياتك السابقة لهذه المحنة لم تختبر هذه الصلابة من قبل, ولم تكشف عنها. والثاني هو انك حين داهمتك هذه المحنة لم يكن رصيدك من الحب والسعادة خاليا, فاعانك هذا الرصيد الثمين علي مواجهة المحنة والصمود لها.
فأما انك انسانة صلبة وقوية الارادة بالرغم من سنك الصغيرة.. فلقد تمثل ذلك في عدة مواقف تؤكد كلها هذه الحقيقة, فلقد تمسكت باداء امتحان السنة الثالثة بكليتك وانت في قمة المحنة المرضية.. ولم تستسلمي للرثاء لنفسك ولم تستجيبي لاشفاق أبويك عليك من تحمل هذا العناء الاضافي, فكان لك ماأردت واجتزت الامتحان بنجاح, وساهم ذلك بقدر مافي تحسين حالتك النفسية.
وتمسكت بالخروج من المستشفي الي عشك الصغير وليس الي بيت اسرتك وفضلت ان يعيش معك زوجك الوجه الآخر للحياة لكي يؤكد كل منكما للآخر بالتجربة العملية وليس بالكلام الوردي انه قد اختار شريك حياته بحق للأفضل والأسوأ علي حد التعبير الذي يردده الزوجان في بعض الكنائس الغربية, وفي الصحة والمرض.. وفي السراء والضراء.. وليس في أوقات الهناء وحدها فاذا ماداهمت احدهما محن الحياة تحول عنه, أو أسرع بالفرار منه.
فكان لك ماأدت أيضا وكشفت لك المحنة عن معدن زوجك الأصيل وعمق ارتباطه بك.. وايمانه معك بأن الحياة الزوجية ليست صحبة لاهية في اوقات السعادة وحدها, وانما شراكة حقيقية في كل امور الحياة بخيرها وشرها.
وتمسكت كذلك بالاحتفاظ بجنينك في وجه اشفاق الجميع عليك من متاعبه وهواجسهم المشروعة من مخاطره عليك.. وأولها معاناتك لآلام المرض الجلدي الرهيبة بغير الاستعانة عليها بالمسكنات.. وآخرها متاعب الحمل نفسه.. ومخاطر الولادة في ظروفك الصحية المؤلمة.. وهواجسهم الخوف من ان يجئ طفلك للحياة عليلا أو مشوها من أثر الأدوية القاتلة التي تجرعتها.
فكان لك ماأردت كذلك واثبتت التجربة من جديد أن مايختاره لنا الله سبحانه وتعالي أفضل كثيرا من اختيارنا نحن البشر لانفسنا, فكان حملك الذي تخوف منه الجميع, نعمة عليك من حيث لايحتسب احد, وعلاجا الهيا لدائك العضال, وخيرا سماويا لك من كل الجوانب فمضت شهور الحمل عادية.. وتمت الولادة بطريقة طبيعية.. وانعم عليك ربك بأكبر مانلت من جوائز جزاء وفاقا لحسن ظنك به وصدق ايمانك به.. وصبرك علي قضائه.. فجاءت طفلتك الجميلةصحيحة معافاة لتمسح كل الأحزان.., ولتذكرنا إذا كنا قد نسينا بان قضاء الله عدل, وحكمة نافذ, صبر المرء أم جزع, غير انه مع الصبر الأجر, ومع الجزع الوزر.
وأنت بفضل ربك عليك لم تجزعي ولم تهني ولم تفقدي ايمانك بربك فكان وعد الله لك حقا.. وكان فضله عليك عظيما.
واما ان رصيد الحب والسعادة في حياتك قد اعانك مع ايمانك بربك وحسن ظنك به علي الصمود للمحنة.. فلقد ثبت علميا ان نسبة شفاء الاشخاص الذين يؤمنون بربهم من امراضهم وصمودهم للمرض بقوة الايمان والأمل في رحملة الله.. أكبر من نسبته بين هؤلاء الذين لا تعمر قلوبهم بالايمان.. ولا يمتثلون لقضاء الله ولا يتمسكون بالأمل في رحمته, كما ثبت أيضا أن الاشخاص الذين يواجهون محنة المرض العضال ومن ورائهم رصيد كاف من الحب الصادق والسعادة, يستمدون من هذا الرصيد مايدفعهم للتمسك بالحياة والأمل في الشفاء.. ويخفف عنهم ماينعمون به من حب صادق وسعادة حقيقية في حياتهم مايلاقون من عناء المرض, فتزداد قدرتهم علي المقاومة.. والصمود.., وان كان هناك من يستحقون الرثاءلهم بحق فهم هؤلاء الذين تقسو عليهم الحياة باختباراتها ومحنها, وليس في رصيدهم من الحب والسعادة مايسحبون منه ليتسلحوا به في مقاومة محنهم واختباراتهم, فكأنما يواجهون محن الحياة بالسحب علي المكشوف, من رصيد لم يعمر بالسعادة ولم يعرف الحب.. وهؤلاء هم من لايجدون للأسف من يخفف عنهم آلامهم أو يأسو جراحهم أو يمدهم بالدعم النفسي الذي يعينهم علي اجتياز المحن والصمود للاختبارات.
ولقد كان من رفق الاقدار بك ان واجهت هذه المحنة ورصيدك عامر بالحب والسعادة, اعانك شريك حياتك وأبواك واخوتك علي الصمود لها واجتيازها بسلام والحمد لله..
فعسي أن يتم ربك نعمته عليك.. ويعيد اليك كامل قدرتك علي المشي والحركة, لتواصلي رحلة الحياة والسعادة مع شريك حياتك وطفلتك, وأهلك الي غايتها المرجوة.. وعسي ان تصبح قصة هذه المحنة المؤلمة ذات يوم قريب مجرد ذكري لمحنة مرضية ألمت بك وحينئذ تروينها في لابنائك واحفادك وترجين لهم حياة حافلة بالهناء والسعادة كتلك التي أغدقت بها عليك الاقدار قبل وبعد هذه المحنة الطارئة باذن الله.
الله يجزيك الخير ياام احمد نقرا هذه القصص فنقوى عزائمنا وثقتنا بالله تعالى
مشكورة ع القصة
سبحان الله ,, أمر المؤمن كله خير ,,
يزاج الله خير
تسلميييييييين ^^
سبحان الله والحمدلله
ولااله الا الله