قال عنها أمين عام المركز الثقافي الإسلامي في روما الأمير أبو القاسم الأميني: “إن قيام سيدة غير مسلمة بالتبليغ بالقرآن الكريم هو عمل بالغ الأهمية ويصب في مصلحة الإسلام والمسلمين في هذا الوقت العصيب”، إنها الدكتورة “ريتا دي ميليو” أستاذة الأدب الإسلامي بجامعة روما وهي واحدة من المستشرقين المحايدين الذين أخذوا على عاتقهم تصحيح صورة الإسلام في الغرب غير عابئين بالحملات الإعلامية الشرسة التي يتعرضون لها بسبب ميولهم وآرائهم الداعمة للمواقف الإسلامية.. “الخليج” التقت “دي ميليو” خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة وتحدثت معها حول كتابها الأخير عن الإسلام وعن وجهة نظرها في صراع الحضارات وحوار الأديان وكيف يواجه المسلمون حملات الإساءة المستمرة التي يتعرضون لها بصورة شبه دورية خاصة مع اتجاه بعض السياسيين في الغرب إلى حملات الإساءة.. والتفاصيل في الحوار التالي:
في البداية يهمنا تعريف القارئ العربي بسيرتك الذاتية.
ولدت في جزيرة اسيكا بخليج نابولي وتخرجت في كلية الآداب بجامعة روما ومتخصصة في الشؤون الإسلامية وأعمل أستاذة لدراسات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بجامعة روما، كما عملت لفترة طويلة خبيرة في الشؤون الإسلامية بوزارة الخارجية الإيطالية، وأشارك أيضا في العديد من الأعمال الخيرية بإريتريا تلك الدولة المسلمة الموجودة شرق إفريقيا، وقد درست اللغة العربية لأنني أردت أن أعرف الإسلام عن قرب عن طريق قراءة تراثه باللغة الأصلية التي كتب بها، وقد تعرفت إلى الإسلام في البداية من حياتي التي قضيت جزءا كبيرا منها في العديد من الدول العربية حيث عمل والدي طبيباً في عدة مستشفيات بالدول العربية.. والحقيقة أنني أعجبت بالإسلام كدين قويم يحث على الفضيلة والأخلاق والتعايش السلمي بين كل الناس بلا فرق بين أبيض وأسود، وعلى الرغم من أنني لم أعتنق هذا الدين العظيم إلا أنه دخل إلى قلبي بشدة ولعل هذا ما دفعني إلى تأليف كتاب خاص عن الإسلام حاولت من خلاله أن أعلم تلاميذي في الجامعة الكثير عن الإسلام الحقيقي، ومساهماته في بناء الحضارة الإنسانية، وقد أقدمت على كتابة هذا الكتاب كشهادة محبة من قبل إنسانة مسيحية لكل مسلم وذلك بتقديم فكرة شاملة عن العقيدة الإسلامية كما يمارسها معظم المسلمين، والكتاب موجه للقراء الإيطاليين بشكل خاص والغربيين بشكل عام الذين ليس لديهم معرفة عن حقيقة الإسلام، أو يعرفونه بطريقة خاطئة نتيجة الكتابات الكاذبة والمشوهة المنتشرة في الغرب بكثرة والتي أصبحت من دون شك مصدرا إضافيا للخلافات والمنازعات الجارية حاليا بين عالمين كانت تربطهما روابط تراثية وثقافية وتاريخية شديدة القوة وأصبح العداء اليوم مستحكما بينهما بدلا من أن تقوى العلاقة وتعمق للسير متضامنين في طريق الأخوة والسلام.
وما أهم ما حرصت على مناقشته في هذا الكتاب؟
أولا أحب أن أشير إلى أن الكتاب الذي أتحدث عنه هو في الواقع إسهاب وتعميق لكتاب صغير حول مقتطفات من القرآن الكريم كتبته منذ سنوات قليلة مضت للمركز الثقافي الإسلامي في روما أما الكتاب الجديد فاسمه “الإسلام.. ذلك المجهول في الغرب.. الدين الإسلامي على ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية” وهو يحتوي على جزأين يتحدث الأول عن الدين الإسلامي بصفة عامة، وعن شخصية النبي محمد وصفاته كما يحتوي الجزء الأول على أركان الإسلام والأخلاق الإسلامية، أما الجزء الثاني فيتكلم عن الجهاد في الإسلام والتاريخ الإسلامي الحديث.. وقد حرصت على تفسير الجهاد بشكل خاص تفسيراً علمياً منهجياً حتى يعرف القارئ الغربي حقيقة الفارق الشاسع بينه وبين الإرهاب لأنني اكتشفت أن الطريقة التي يتبعها العديد من الكتاب الغربيين في عرضهم للإسلام والجهاد الإسلامي تجعل المسلمين يبدون وكأنهم وحوش يهوون سفك الدماء تحت ستار الحرب المقدسة كما يعرض العديد من الكتاب الغربيين المسلمين وكأنهم أقل من الغربيين علما، وأود هنا أن أشير إلى أن المواطن الغربي لا يفهم أن جزءا كبيرا من أسباب توتر العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي وخاصة حول إشكالية الجهاد كفريضة إسلامية يعود في الأساس إلى وجود واستمرار العديد من المشكلات السياسية الخطيرة جدا لعل من أبرزها القضية الفلسطينية ولقد حرصت وأنا أكتب عن الجهاد أن أتطرق إلى القضية الفلسطينية فأنا شخصيا أرى أن الفلسطينيين ضحية لمخططات الصهيونية العالمية فلا منصف يستطيع أن ينكر أن للفلسطينيين حقوقا تم انتهاكها وقد أنهيت الكتاب بأبيات شعرية لشاعر ليبي شهير قال فيها:
“أنا عربـي لا أدفـع غرامـة
اطــردنــي مــن بيتــي
وسوف ألجأ للخيمة من جديـد
ولكني لن أخضع تحت سيطرتك”.
الجهاد والإرهاب
كتبتِ عن الجهاد في الإسلام.. فكيف تنظرين إلى الخلط الواضح من قبل الغرب بين الجهاد كفريضة إسلامية وبين الإرهاب والعنف؟
يجب أن ندرك أن أحد أهم أسباب انتشار ذلك الخلط يعود إلى إحجام الحكومات الإسلامية عن نشر حقيقة الجهاد في الإسلام باللغات غير العربية، وأنا شخصيا رغم أنني غير مسلمة وجدت عند قراءتي المتعمقة أن هناك اختلافات جذرية بين الجهاد والإرهاب.. فالجهاد يبدأ من جهاد النفس وصرفها عن فعل السوء كما أن الجهاد المسلح كأمر مسموح به في الإسلام له شروط عديدة لعل أبسطها هو ضرورة أن يدعو له الحاكم المسلم وليس أي شخص آخر ولو نظر كل إنسان في العالم إلى مبررات الجهاد في الإسلام لعرف أن الجهاد لا يعني الإرهاب بحال من الأحوال.. فالجهاد مثلا هو حق من حقوق كل من احتلت أرضه من قبل شعب آخر أو دولة أخرى فلماذا يصفون في الغرب المقاومة الفلسطينية بأنها إرهابية؟ وإذا كان ما يقولونه صحيحاً.. فلماذا اعتبروا العمليات التي شنها الفرنسيون ضد جيش ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية مقاومة فرنسية؟ ولماذا خصصوا لها صفحات عديدة في التاريخ الأوروبي ليبرزوا عظمة تلك المقاومة؟
الحقيقة أن إصرار الغرب على وصف العمليات الاستشهادية الفلسطينية بأنها إرهاب لهو من قبيل التناقض الذي أرفضه.. فالفلسطينيون لا يملكون السلاح اللازم لمواجهة العدوان “الإسرائيلي” ولهذا فإن لجوءهم إلى تفجير أنفسهم في المحتل الصهيوني هو عمل عسكري شريف يحث عليه الإسلام ولا يستطيع أي عاقل أن يصفه بالإرهاب فطالما أن الفلسطيني لا يملك سوى هذا العمل فهو أمر يدخل تحت نطاق الجهاد الذي أباحه الإسلام وحتى لو مات أبرياء نتيجة العمليات الاستشهادية فهذا جزء من طبيعة الحرب والحال نفسه بالنسبة للمحتل الأمريكي في العراق.. وقد حرصت في فصل الجهاد على التأكيد للقارئ الأوروبي أن القرآن الكريم يقول فيما معناه أنه لا ينبغي أبداً قتل الأطفال والأبرياء والنساء والشيوخ كبار السن.. فهل دين يقدم مثل هذه التوصيات لأتباعه يستحق منا أن نربطه بالإرهاب؟ والغريب أن اليهود ظلوا دائما يلقون معاملة حسنة طوال فترة عيشهم تحت الحكم الإسلامي ولكنهم لا يردون هذه المعاملة بمثلها اليوم وإنما كان أسلوبهم دائما الغدر ونقض العهود.
مسلمو إيطاليا
كسيدة مسيحية تعيش في إيطاليا كيف ترين العلاقة بين المسيحية والإسلام في الدولة التي تحتضن الفاتيكان رمز الكنيسة الكاثوليكية في العالم؟
الإسلام هو الدين الثاني من حيث الانتشار في إيطاليا.. فهناك أكثر من مليون ونصف المليون مسلم هناك، ويجب ونحن نناقش أبعاد العلاقة بين المسلمين وغيرهم من الإيطاليين أن نفرق بين المثقفين وغير المثقفين. فالمثقف الإيطالي مثل غيره من المثقفين في الغرب من القارئين الجيدين لمختلف الثقافات العالمية ومنها الثقافة الإسلامية وهؤلاء يتعاملون معاملة راقية مع المسلمين.. أما الجهلاء المتأثرون بالدعاية العالمية السلبية التي يتعرض لها الإسلام في الفترة الأخيرة فبالطبع يكون تعاملهم مع المسلمين تعاملا غير إنساني وغير حضاري، فهم يرون أن كل مسلم هو إرهابي أو مشروع إرهابي على أقل تقدير.. وللأسف فإن معظم الإيطاليين ليس لديهم أي معلومات كافية عن حقيقة الإسلام، ومعظم الإيطاليين بل معظم الغربيين لا دينيين ولهذا لا يقبلون بوجود متدينين بأي دين بجانبهم.. والسؤال الذي أحرص على طرحه على كل المنتديات الغربية التي أشارك فيها: ألا يعد استهدافنا للمقدسات والرموز الدينية الإسلامية بالسخرية نوعا من أشرس أنواع الإرهاب؟ وألا يعد حرص الغرب على نشر الإباحية والفواحش في العالم الإسلامي نوعا من أنواع التطرف الفكري المرفوض؟ فلماذا نثير اشمئزاز المسلمين الذين ما زالوا متعودين على العفة والحياء؟ على الجانب الآخر فإنني أدعو كل مسلم إلى التمسك بدينه والعمل على نشر حقيقة الإسلام السمح حتى يدرك العالم كله أن المسلمين لا يمكن أن يكونوا أشرارا وأن وجود عدد قليل من المسلمين المتشددين أو المتطرفين لا يجب أن يسيء إلى هذا الدين العظيم.
بابا الفاتيكان
وما رأيك في الإساءات التي تعرض لها الإسلام على يد رموز الفاتيكان مثل البابا بندكتوس السادس عشر نفسه وسكرتيره الخاص حيث كال كل منهما الاتهامات للإسلام؟
عندما تحدث البابا عن الإسلام تجنى عليه، وأخطأ في حق الجميع ولكنني أعرف أنه أدرك فيما بعد أنه لم يكن يعي حقيقة ما يقول وحقيقة وقع هذا الكلام على مليار ونصف المليار من المسلمين، وقد قال بعد ذلك إنه كان يتكلم بصفة عامة ولم يكن يقصد الإساءة للإسلام، وندم ندما شديدا على حديثه هذا لأنه وجد رفضا كبيرا من قبل المسلمين بل ومن قبل عدد كبير من الإيطاليين والغربيين بصفة عامة ممن قرأوا وعرفوا حقيقة الإسلام واحترموه احتراما شديدا والذين يعملون بكل جهدهم من أجل إقامة علاقات صداقة ومحبة بين الغرب والإسلام، ووجدوا أن كلمات البابا تهدد السلام العالمي المنشود، وأنا أرى أن أبرز دليل على ندم البابا على ما قاله في حق الإسلام هو زيارته التي قام بها لتركيا حيث زار خلالها المسجد الكبير بالعاصمة أنقرة، كما أنه استقبل في روما العديد من القادة العرب والمسلمين وحرص على إطلاق دعوات تبنى من خلالها حوار الأديان وكل ذلك دليل على أن البابا فهم غلطته.
ولكن للبابا كتاب شهير عرضت له الصحف مؤخرا حذر فيه من انتشار الإسلام ومن أن أوروبا في سبيلها للتحول إلى بقعة من بقاع الإسلام، ألا يعد هذا تحريضا على الكراهية بين الغرب والشرق؟
أنا لا أعرف شيئا عن هذا الكتاب ولهذا لا أستطيع التعليق عليه، ولكنني ارفض بشكل عام دعاوى الصدام الديني أو الحضاري، وأنا أرى أن كل زعيم ديني يؤمن أن دينه هو الصواب، ولهذا من الطبيعي أن يتعصب له، ولهذا فإن القادة الدينيين في الغرب يخشون الإسلام بسبب قوة انتشاره وجاذبيته غير المحدودة، فالكنيسة الغربية تخشى من أن يفقد الغرب الإيمان بالمسيحية ويدين بالإسلام، ولكن ما لا يعرفه العديد من الآباء والكهنة في الغرب هو أن معظم الأوروبيين لا دينيين، فليس لديهم إيمان بأي مقدس كان، وهناك إحصائية قرأتها مؤخرا تؤكد أن 60% من الأوروبيين لا يحضرون قداس الأحد وهو ما يعني أن هؤلاء لا تربطهم بالمسيحية أي علاقة إلا الاسم فقط، وهو أمر يخيف البابا وغيره من القادة الدينيين، وأنا كمسيحية لا أذهب إلى الكنيسة أبدا، ولا أحتفل بأي من الأعياد المسيحية، وهناك الملايين من المسيحيين مثلي، وفي ظل امتلاك الإسلام للعديد من القيم والمبادئ السامية، فإنه قادر بالفعل على جذب هؤلاء الملايين وهو ما يشكل هاجسا مرعبا لدى كل زعيم ديني لأنه سيفقد سطوته الدينية في حال غيّر أتباع الدين الذي يبشر له ديانتهم إلى دين آخر خاصة لو كان هذا الدين في قوة الدين الإسلامي.
دور الاستشراق
كمستشرقة معاصرة هل ترين أن الاستشراق لعب دوراً سلبياً في تشويه علاقة الغرب بالإسلام؟
يجب أن نتعامل مع قضية الاستشراق بإنصاف شديد فنقول إنه كان هناك في الماضي مستشرقون من الغرب نظروا إلى الإسلام نظرة محايدة ووصفوا الإسلام بحيادية شديدة ولكن على الجانب الآخر كان هناك مستشرقون أساؤوا للإسلام وأساؤوا لعلاقته بالغرب وساهموا بلا شك في الأزمة الكبرى التي نعاني منها اليوم بين الغرب المسيحي والشرق المسلم.. فهؤلاء المستشرقون لم يقدموا الإسلام بصورته الحقيقية.. ومثلما كان الحال في الماضي فإن الموقف اليوم لم يتغير فهناك مستشرق محايد ومستشرق غير محايد ولكن بشكل عام فإن الواقع يؤكد ضرورة أن يدلي المسلمون بدلوهم في هذا الأمر من أجل أن يساهموا في دعم جهود المستشرقين المحايدين ولا مانع من أن يمد العالم الإسلامي هؤلاء بالمواد العلمية والأكاديمية التي تساعدهم في التغلب على أصحاب النظرية التصادمية من خلال تقديم الصورة الحقيقية للإسلام، ولا مانع من أن يقيم المسلمون في الشرق المؤتمرات العلمية التي يدعون إليها المستشرقين المحايدين ويمنحونهم الفرصة لدراسة الإسلام عن قرب.
نوع من الغيرة
انتشرت مؤخرا الإساءات الغربية للرسول صلى الله عليه وسلم ودخل القادة السياسيون على الخط وبدأوا هم أيضا يشجعون تلك الإساءات. فكيف تقيمين هذا السلوك؟
أولا أنا أرى أن شتم المقدسات ونشر الإساءات ضد الإسلام ورموزه هو نوع من الغيرة من تمسك المسلمين بعقيدتهم ودينهم، فالواضح أن غريزة الحضارة المادية التي تسيطر على الغرب اليوم جعلت العديد من المتطرفين الغربيين يبحثون عن الإساءة لأتباع الإسلام كتعبير واضح عن الغيرة التي تأكل قلوب هؤلاء، ولا ننسى أيضا في هذا السياق البحث عن الشهرة فقد أدرك العديد من المغمورين اليوم أن وسائل الإعلام العالمية تهتم وبشدة بكل ما يتناول الإسلام، وفي ظل اهتمام وسائل الإعلام اليهودية بصفة خاصة بكل ما يسيء للإسلام فقد حرص كل من يبحث عن الشهرة على العمل على إصدار خزعبلاته ضد الإسلام ورموزه الدينية وللأسف فإن الغرب يستخدم مقولة حرية التعبير فقط عندما يتعلق الأمر بالإساءة للإسلام.. أما عندما يتناول اليهود أو الصهيونية من قريب أو من بعيد فإن قوانين معاداة السامية التي تهدد كل شخص في أوروبا مهما علا منصبه بالسجن ونسف المستقبل تبرز على الفور، وذلك لأن اليهود أقوياء في وقت ضعف فيه المسلمون فهانوا على أصدقائهم قبل أعدائهم.. وبشكل عام فأنا أرى أن كل من يسيء للإسلام غبي ولا يعرف حقيقة هذا الدين السمح ولو عرف حقيقة النبي محمد لما وجه هذه الإساءات، فمحمد لم يكن فقط رسولاً أو زعيماً دينياً، بل إنه أعظم شخصية في تاريخ الإنسانية.. شخصية ساهمت في صنع أمة وقدمت للإنسانية الحضارة التي قامت على أسسها حضارات عديدة لم تكن لتظهر لولا المبادئ التي أرساها محمد في نفوس أصحابه من حب الخير للآخرين والعمل على التعايش السلمي مع جميع البشر، فمحمد كان نبيا وكان زعيما سياسيا عبقريا، وهو الأكثر تفردا من بين أعظم الشخصيات التي صنعت تاريخ البشرية.. ولهذا فلا يليق أبدا أن نسيء إلى تلك الشخصية العظيمة.. وعلى الجانب الآخر فأنا أنصح المسلمين جميعا بأن يبذلوا المزيد من الجهد من أجل نشر السيرة الحقيقية للنبي محمد وكذلك الصورة الحقيقية للإسلام حتى لا يقع المواطن الغربي البسيط ضحية الإعلام الموجه الذي يحاول دفع العلاقة بين الغرب والمسلمين في تجاه الصدام والكراهية المتبادلة.
مواجهة الإساءات
وهل هناك نصائح أخرى توجيهنا إلى العالم الإسلامي من أجل مواجهة تلك الإساءات المتكررة؟
في البداية يجب أن يتحكم المسلمون في أعصابهم ولا ينساقوا خلف تلك الإساءات المتعمدة، ويجب أن تكون ردودهم محسوبة ومدروسة بعناية.. وأنا مثلا أرى أن مسألة المقاطعة الاقتصادية الشعبية أكثر تأثيرا في الغرب وتجعل كل من يفكر في الإساءة يراجع نفسه مائة مرة قبل أن يقدم على ذلك، وعلى الجانب الآخر يجب أن يحرص الغرب والمسلمون على زرع الحب والمودة بين المسيحيين والمسلمين، حتى نصل إلى بداية الصداقة وقد كان هذا موجودا في السابق وأنا عندما كنت أعيش في العديد من الدول العربية كنت ألحظ الود والحب يرفرف على كل من يعيش في تلك المجتمعات أيا كانت ديانته أو عقيدته أو لونه.. فلماذا لا ننشر هذه المشاعر على مستوى العالم كله وبأسلوب أكثر تنظيما لنقضي على البغضاء والكراهية؟
ومن ترينه المسؤول عن إثارة البغضاء والكراهية بين الغرب المسيحي والشرق المسلم؟
بلا جدال فإن الصهيونية العالمية لعبت دورا كبيرا في إثارة الحقد والبغضاء بين الغرب والعالم الإسلامي من أجل تحقيق مصلحة “إسرائيل” في التوسع والتمدد والبقاء ويمكن للمسلمين والمسيحيين التغلب على تلك المخططات من خلال تفعيل إرادات الشعوب وإرادات القيادات السياسية من أجل دعم جهود الحوار وإزالة البغضاء والكراهية.
الحدود الإسلامية
كثير من الغربيين يعترضون على مسألة الحدود الإسلامية ويعتبرونها دليلا على عنف الإسلام، وعن هذه المسألة تقول الدكتورة ريتا دي ميليو: للأسف الشديد فإن الغرب تعود على التسامح مع الجناة أكثر من اللازم، وهو ما أدى إلى انتشار جرائم الشذوذ وزنى المحارم وكل فنون العري والإباحية.. أضف إلى ذلك جرائم القتل، فمثلا مؤخرا قتلت إحدى السيدات بسيارتها فتاة تونسية عمرها 13 عاما ولم تدخل السجن إلا مدة يومين خرجت بعدهما تقود السيارة لتقتل وتصيب آخرين.. وهناك فتاة قتلت أمها وأخاها ودخلت السجن مدة ست سنوات قضتها في لعب الرياضة وخرجت بعدها وكأنها لم تزهق روحين بريئتين.. وهكذا فإن الغرب تعود على مسامحة الجاني وهو ما أدى إلى نشر الجريمة ولهذا يستغربون موضوع الحدود في الإسلام.. ولكنني شخصيا أفضل العقوبات الإسلامية، فلو أن قاتلا واحدا حكم عليه بالقتل فسوف تختفي على الفور كل جرائم القتل حتى الخطأ منها لأن الجميع سيفكر ألف مرة قبل التساهل في التعامل مع أرواح الناس فالعقاب الشديد مهم في بعض الأحيان.
المصدر: جريدة الخليج