تخطى إلى المحتوى

الخرس العاطفي: هل يعني موت الحب بين الزوجين؟

خليجية

العلاقة الزوجية من أسمى العلاقات بين البشر، فعليها يقوم بناء المجتمع، وقد سن الله تعالى ووضع الأسس لهذه العلاقة وقال في كتابه الكريم.. (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة)
بداية لنتأمل هذه الآية الكريمة وما تحمله بثناياها من معنى ومنهج للحياة الزوجية، فالمودة بالقاموس اللغوي تعني (المحبة).. أى الحب بكل ما يحمله الحرفان من معاني جميلة تترجمها التصرفات والتعاملات الحياتية بين الزوجين على مدار رحلتهما الزوجية من ود وبشاشة وتواضع وصفاء وإحترام متبادل..إلخ
والسكن.. معناه هنا هو كل ما سكنت إليه النفس وأستأنست به..
وعندما أشار الله تعالى بالآية بقوله (أنفسكم)؛ أي أن آدم وحواء من كيان واحد.. فمنه خلقت، ولذلك يظل الطرفان فى حالة شوق لبعضهما البعض..
ولكن حينما يتوقف أحد الزوجين عن أداء دوره الإيجابي بهذه العلاقة يقع النشاز باللحن، وتصبح هذه العلاقة معزوفة مملة لكلا الطرفين وتبدأ الأوتار بالتمزق وتضيع أبجديات المعزوفة الزوجية وربما أتت معزوفة أخرى بلحن جديد أكثر طرباً لتحل محل المعزوفة النشاز هذه..
فعلاقة السكن والتآلف الزوجي تحتاج لشحن متواصل من المشاعر بكل صورها الحسية والمادية.. وإلا إهتزت وإنهارت هذه العلاقة..
وببداية الزواج يكون هناك شحنة من العواطف شديدة التوهج.. ورومانسية طاغية.. ولكن بمرور الوقت يفتر الحب وتغادر الرومانسية الديار ربما مستأنسة أو ساكنة ديار غير الديار..
ويتسرب أيضاً هذا الفتور والبرود للعلاقة الحميمية الزوجية بين الزوجين، فيصيبها التوتر والبرود وتصبح عملية حيوانية وظيفية روتينية بحتة.. وربما يرجع ذلك لضعف رغبة الزوجين ببعضهما البعض..
فيقع الطرفان فريسة لشرك الإهمال وسلبية التعامل فممكن يكون ذلك نابع من البداية من أحد الطرفين فقط ولكنه بمرور الوقت يتسرب للطرف الآخر نتيجة برود المشاعر التى يجدها لدى الآخر..
وذلك يأتى بنا للسؤال..هل يموت الحب؟
بداية الحب..هو مزيج من المشاعر المختلطة من الإنفعال والإعجاب بالآخر بما فيه من صفات مثالية تلقى القبول والإعجاب بها فتنتقل من الشعور بالإعجاب إلى الشعور بالراحة والسكن لهذا الآخر..
والحب بمعناه الطبيعي لا يموت أبداً هذا برأيي المتواضع..الحب موجود بداخلنا ولكن ربما يكسوه بعض الأحيان بعض الصدأ وتغلفه سحابات الصمت مشاغل الحياة مواقف ترسل به للعناية المركزة ويصبح بحالة إحتضار..
ولكن من يتأمل ما يحدث بين أي زوجين كان الحب يوماً ساكناً بينهما وبصدق وليس زيف مشاعر؛ نراه أنه مهما كبت وغلفته الأيام والليالي بسكونها ومتغيراتها.يظهر عند أول كبوة يتعرض لها أحد الزوجين.. فلو مرض الزوج.. ستجد أن أول من ستجري وتحاول الإطمئنان عليه زوجته التى أهملها يوماً.. والعكس صحيح أيضاً..سيظل الزوج بجوار زوجته حتى تمر من أزمتها.. ويذهب أي خلاف للنسيان.. وتنعقد عقدة الألسنة.
هنا أستطيع القول بأن ما يحدث بين الزوجين من خرس عاطفي ليس موتاً للحب.. بقدر ما هو نوع من البرود العاطفي..

الأسباب
قد تكون أحد أسبابه: فتور مزمن أو مؤقت للعلاقة بينهما، تباين الإهتمامات بين الزوجين، والتباين الثقافي والإجتماعي والفكري وقولبة الرجل لزوجته فى إطار المتعة الحسية المؤقتة فقط.
وقد يكون هناك صمت زوجي مرضي.. كأن يكون أحدهما يمر بحالة إكتئاب مؤقتة فعلى الطرف الآخر المحاولة المستمرة لإخراجه من هذا الجو..إلى أن يتم له التوفيق من عند الله..
وهناك الجمود العاطفي والذى يكون من حالة التعود على الآخر وإعتياد وجوده فالحياة أصبحت نمطاً روتينياً مقولباً.. فقد حفظ كل منهما الآخر وأصبح الرمز يحل مكان الحرف..
فالعين واليد والبسمة تحل محل الحرف.. وذلك يكون ناتجاً من طول مدة الزواج فعرف كل منهما أبجديات الآخر فيقل الكلام ويستبدل بمعاني ووسائل آخرى.. ولكن لابد من القول بأنه لا بديل عن الكلمة فى أي حال من الآحوال..
فالأذن تتوق لسماع الكلمة الطيبة وتؤكدها اللمسة الحانية وتغلفها النظرة الودودة.. فتكتمل الصورة ويتم التفاعل الصحيح والصحي..
ويجب أن نفرق هنا أيضاً بين الصمت المؤقت والمزمن.. فالصمت المؤقت يكون فى أوقات الخلافات وهذا شىء حميد.. ويفضل أن لا يطول الصمت.. ولكن يجب المناقشة وتعرية المشكلة تماماً حتى يمكن القضاء على جذورها.. وتستأنف الحياة الزوجية الطبيعية.
والصمت المستعصى يكون بمثابة المسمار الأول بنعش الحياة الزوجية..هنا يكون القلب قد فقد البوصلة الخاصة به.. فيحتار ويسير أحياناً بمسارات خاطئة قد تزيد من حالة البرود العاطفي الموجودة لدى الزوج أو الزوجة..فيصنع حائلاً بينهما ويحول الحب لنفور ويتحول الزواج من سكن ومودة إلى مباراة من مبارات الضربة القاضية..وتكون الصعوبة فى إمكانية عودة الحب من جديد بينهما.. فقد فقدت العلاقة بينهما صفة الإمتنان والمودة..

ماهوالحل إذن؟
لابد من معرفة سبب هذا النفور الذى أدى لهذا الصمت الزوجي بينهما.. فلابد من جلسة ودية صافية بمكان مريح ووقت مناسب.. حتى يتم تذويب وتسييل ما علق بالنفوس من تراكمات..
والتذويب للصمت العاطفي لا يكون بإلقاء التهم على الآخر واللوم وتحميل الخطأ لطرف دون الآخر، ولكن يكون بحسن الإستماع والوصول للبّ المشكلة والغوص بمعاناة الآخر.. فالحل ليس بمحاكمة طرف لطرف آخر بقدر ما هو بحث عن أسلوب يكون قوامه المودة والرحمة ويكون هناك إستعداد من كلا الطرفين وعقد لنية تجاوز الخرس العاطفي..
والمصارحة بما تضيق به النفس بشكل دوري يقلل من هذا الصمت المذموم.. فالتوافه بالحياة أحياناً تكون أصل جبال الصمت العاطفي بحياتنا..
وهناك طريقة دعانا الله إليها بكتابه الكريم وذكرت بمحكم آياته، وذكرها لنا رسولنا الكريم.وهي المسامحة والعفو..أن تعفو وتغفر لمن أساء إليك لهو الثواب العظيم عند الله، وعندما نتعامل مع الله الخالق.. فنحن ننحّي المخلوق جانباً..أن تُسامح الغير من القلب وليس بلسانك فقط لهو الكرم بعينه على تجاوز ما علق بالنفس.. وهو قمة الطهر والإيمان، وكظم الغيظ والعفو من أفضل الخصال الإنسانية..
وقد قال الله سبحانه وتعالى فى محكم آياته: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين، الذين ينفقون فى السراء والضراء و الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
وأخيراً.. قد يكون الخرس أو الصمت العاطفي أو الزواجي أحد أهم أسبابه الملل.. فليحاول كل من الطرفين البحث فى أهم أسباب هذا الملل ومحاولة الوصول لطريقة تقضي على هذا الملل وإن لم يستطع فعليه بإستشارة من يثق بهم والأفضل من كل ذلك الذهاب لمختص يزوده بالنصيحة الجادة.. ولكن تجنّب الأصدقاء العابرين بحياتك فلا تفضي بمشاكلك إلا لمن تثق به.. وإلا وقعت فيما لا يحمد عقباه.

كل الشكر لك اختي على طرح الموضوع
ان شاء الله نكون استفدنا منه
ياارب ياكريم

تسلمين

يزاج الله خير حبي

يزاج الله كل خير

مشكوره

استغفر الله العظيم واتوب اليه عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.