تخطى إلى المحتوى

البدعة طريق إلى الشرك

  • بواسطة


البدعة طريق إلى الشرك

أما بعد : فإن الله سبحانه وتعالى أنزل دينه في الأرض، وتكفل بحفظه فقال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) وقد جعل الله وسائل لحفظ دينه، كان من أهمها النهي عن البدع، قال سبحانه : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)(الشورى: من الآية21) وقال صلى الله عليه وسلم :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث المتكاثرة في النهي عن البدع، وذلك أن أعظم أسباب تغيير الأديان، وانطماس معالمها و وقوع الناس في الشرك بالله انتشار البدع بينهم ولا يخفى على عالم بدين الله حقاً أن سبب أول شرك وقع في الأرض كان بسبب البدع، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى : (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23) قال ابن عباس : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم [ وذلك ليتذكروا برؤية صورهم عبادتهم وما كانوا عليه من صلاح وتقوى، فيزدادوا في عبادة الله ] قال : ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلكوا [ يعني الجيل الأول الذي ابتدع هذه البدعة ] وتنسخ العلم [ يعني قل العلم ونسي ] عبدت من دون الله فانظر كيف أن استحسان الجيل الأول لهذا الفعل وظنهم أنه مما يزيد في العبادة، أدى إلى الوقوع في الشرك لأن فعلهم وإن رأوا أن فيه مصلحة إلا أنه ليس مما أوحاه الله إليهم بل مما أوحاه الشيطان إليهم لينتقل بهم درجة درجة إلى غاية ما يريده، وهو إخراج الناس من دين الرحمن إلى دين الشيطان.
ولقد حدث هذا في أمة النبي صلى الله عليه وسلم، فوقع بعض الناس في بدع أحدثوها يريدون بذلك أول ما أحدثوها الخير والازدياد في طاعة الله، ثم ما لبث الشيطان أن هوى بهم بسببها إلى غياهب الشرك والكفر بالله نعوذ بالله من الشيطان وعمله، ومن ذلك ما رواه الدار مي وغيره عن عمرو بن سلمة قال : كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن ؟ قلنا : لا فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعاً ، فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته ، ولم أرى والحمد لله إلا خيراً . قال : فما هو ؟
فقال : إن عشت فستراه ، رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حصاً، فيقول : كبروا مئة ، فيكبرون مئة ، فيقول : هللوا مئة ، فيهللون مئة ، ويقول سبحوا مئة ، فيسبحون مئة .
قال : فماذا قلت لهم ؟
قال : ما قلت لهم شيئاً أنتظر رأيك أو أنتظر أمرك .
قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟.
ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم وقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصاً نعد به التكبير والتهليل والتسبيح . قال : فعدوا سيئاتكم ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد ، أو مفتحوا باب ضلالة .
قالوا : والله يا أبا عبد الحمن ما أردنا إلا الخير .
فقال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا : إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم .
وأيم الله ما أدري ، لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم .
فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج .أ.هـ.
فانظر رعاك الله كيف كانت بداية هؤلاء النفر، كانت جلسات ذكر!! أحدثوا فيها صفات للذكر لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها أصحابه رضوان الله عليهم، أحدثوا فيها الذكر الجماعي وعد الذكر بالحصى وكان مقصدهم كما قال أحدهم لابن مسعود وإلله ما أردنا إلا الخير، ثم انتهى بهم الأمر إلى تكفير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلهم وقتالهم.
ثم جاء قوم بعد عهد الصحابة والتابعين، فأدخلوا علوم اليونان من المنطق والفلسفة إلى دين الله سبحانه وتعالى، وكان قصد الكثيرين منهم الخير، وذلك ليكون لهم -كما ظنوا – أقوى في الاستدلال لمراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم بطريق المنطق والفلسفة، فماذا أدى بهم ذلك، لقد صدهم ذلك عن الغاية الكبرى وهي فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وشغلهم عنها، ثم أورثهم ذلك الزهد في الكتاب والسنة ثم كانت النهاية إبطال الاستدلال بالكتاب والسنة بطرق شتى ملتوية ومغلفة، ونتج عن ذلك أنواع من الكفر البواح كإنكار أن يكون القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، أو أن تكون السنة حجة ملزمة للمتنازعين أو أن لله أسماء أو صفات تليق بذاته وجلاله، وهل هذا إلا الكفر المحض نسأل الله السلامة والعافية . ثم انتقل الشيطان إلى ناحية أخرى بعدما هيئ المناخ الملائم من نشو الإعراض عن الكتاب والسنة إلى الذوق والعقل، فوجه سهامه الخبيثة إلى أصل الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم ألا وهو توحيد العبادة والألوهية، فأوحى إلى هؤلاء المتأخرين كما أوحى إلى المتقدمين، البدعة العظيمة المفضية إلى الشرك الأكبر الصلاح، فأوحى إليهم الغلو في الصالحين، ورفعهم فوق منزلتهم، مع وضوح الأدلة وجلائها في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن الغلو فيهم كقوله تعالى : " قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم " وكقوله صلى الله عليه وسلم : "إنما أهلك من كان قبلكم الغلو".

ومع ذلك كله انتشر بين فئات ليست بالقليلة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الغلو في الصالحين، بصور شتى وأشكال متنوعة فمنها :
أولاً :
رفع قبور الصالحين والبناء عليها بالأبنية الفاخرة من الرخام والجص وتزيينها وإنارتها وغير ذلك، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي، قال : قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تدع صورة تمثالاً إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته " والقبر المشرف هو القبر المرتفع، فكيف بالقبر المبني والمزين بأنواع الزينة .
ثانياً : بناء المساجد على قبور الصالحين، أو إدخال قبور الصالحين في المساجد، مع النهي العظيم والشديد من النبي صلى الله عليه وسلم في كتب السنة والصالحين والسنن والمسانيد ومن ذلك : ما رواه البخاري ومسلم من حديث أمنا أم المؤمنين عائشة، أنها قالت: لمّا نُزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفِق يطرح خميصةً على وجهه، فإذا اغتم بها كشَفها، فقال وهو كذلك: لعنةُ الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وروى مسلمٌ في صحيحه عن جندب بن عبد الله، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمسٍ، وهو يقول: ألا، فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ".
ثالثاً : الغلو في محبة ومدح الصالحين وتجاوز الحد في ذلك، ومنه إقامة المآتم لموتهم كما يفعل بعض الطوائف كالرافضة في أيام الحسين من لطم الخدود وضرب للأبدان وإسالة لدمائها في مناظر تقشعر منها جلود العقلاء فضلاً عن المؤمنين، وبالمقابل إقامة الأعياد والاحتفالات بمولد الولي فلان أو الصالح فلان، وكان من أعظم هذه الاحتفالات شيوعاً وانتشاراً على مستوى العالم الإسلامي الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام حيث تقام الاحتفالات وتزين المساجد بالأنوار، ويُهرع إلى المساجد بأصناف الأطعمة والمشروبات وتنظم القصائد والمقطوعات، في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وخصاله، حتى صار هذا اليوم عيداً من الأعياد الدينية التي تضاهي عيدي الفطر والأضحى.
والذي لا يعرفه كثير من الناس أن أول من أحدث بدعة الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم العبيدون القرامطة، الذي كانوا ينتسبون لابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة أم الحسن والحسين، فكانوا يتسمون بالفاطميين –كما نقله المقريزي في خططه (1/490)- والذين كانوا يعتقدون عقائد ضالة منها حلول الله في خلفائهم حتى قال شاعرهم يمدح خليفتهم :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار *** فاحكم فأنت الواحد القهار .
ولقد كان لهذه البدع الثلاث :
1- بناء القبور وتشييدها.
2- وبناء المساجد عليها أو إدخال القبور فيها.
3- وما يسمى بالاحتفال بالموالد، ومنها الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.لقد كان لهذه البدع أكبر الأثر على توحيد العبادة، فصارت بوابة مشؤومة ولجت منها فئام من أمته صلى الله عليه وسلم إلى الشرك، فاستُغيث بأصحاب هذه القبور، وذُبح لهم، وقُدمت على عتبات قبورهم النذور، وطيف بقبورهم وأضرحتهم كما يطاف ببيت الله الحرام، فصارت هذه القبور أوثاناً تعبد من دون الله، فكما أن نوحاً عليه السلام خرج على قوم يعبدون أناساً صالحين كود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يعبدون أناساً صالحين كاللات الذي كان يلت السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبره، فكذلك عادت عبادة الصالحين مرة أخرى وبنفس الصورة تقريباً، فالطريقة هي الطريقة، والشبه هي الشبه الأولى وعلى مر العصور : (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(الزمر: من الآية3)، (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه)(يونس: من الآية18) مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وآية شاهدة على صدق رسالته لما قال : " ولن تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان …..الحديث .
ولقد كان من أهم أسباب انتشار هذه البدع، تلبس بعض الخواص مِن مَن تصدى للدعوة وعُرف بذلك على مستوى العالم بهذه البدع، والتي لو لم يكن في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنع منها لكان في الفطر السليمة والعقول المستقيمة ما يدفعها ويردها، وسأكتفي بمثال واحد أختم به مقالي هذا، وهو تبني رؤوس إحدى الجماعات الإسلامية الحركية لقضية المولد والمشاركة فيه، وإحيائه على المستوى الرسمي والشعبي لهذه الجماعة، ألا وهي فرقة أوجماعة الإخوان المسلمين، فلقد كان من أبرز أسباب تغلغلها في البلد الذي نشأت بها محاكاتها للبيئة التي وجدت فيها، وتلونها بحسبها، وكان منها إقامة الموالد الكثيرة كمولد البدوي والدسوقي والسيدة زينب. وقبل هذا وذاك الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:
قول حسن البنا المرشد الأول للإخوان المسلمين وهو ينشد في الاحتفال المبتدع لمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويردد أتباعه من خلفه، حيث يزعم في نشيده أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر حفلتهم، ويغفر ذنوبهم، وهل هذا إلا شرك في الربوبية، يقول وبئس ما قال:
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضر *** وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
لقد أدار على العشـــــــــــاق خمـرتـه *** صرفاً يكاد سـناها يذهب البصــرا
ومـــا لركـــب الحمى مالـت معاطفه *** لا شك أن حبيب القوم قد حضرا
ولعل القليل من شبابنا هو الذي يعلم أن حسن البنا قد بايع على الطريقة الصوفية الحصافية، يقول حسن البنا: وحضر السيد عبد الوهاب –وهو المجيز للطريقة الحصافية- وتلقيت الحصافية الشاذلية عنه وآذنني بأدوارها ووظائفها. ا.هـ
وقال محمد قطب –وهو أحد قادة فرقة الإخوان المسلمين في السعودية والذي كان له تأثير سيء على بعض أبناء هذا البلد- قال في معرض الثناء على حسن البنا: بدأ حياته صوفياً، فانتمى منذ صباه إلى جماعة صوفية عمقت إشراقه الروحي ووصلت قلبه بالله. ا.هـ
وقد استمر على ذلك إلى آخر أيامه، كما نقل ذلك أبو الحسن الندوي –في كتابه التفسير السياسي للإسلام- قال عن البنا: إنه كان في أول أمره -كما صرح بنفسه- على الطريقة الحصافية الشاذلية، وكان قد مارس أشغالها وأذكارها، وداوم عليها مدة، وقد حدثني كبار رجاله وخواص أصحابه أنه بقي متمسكاً بهذه الأشغال والأوراد إلى آخر عهده وفي زحمة أعماله.ا.هـ
وكان حسن البنا -عفى الله عنه- يحضر المواطن التي باض الشرك فيها وفرخ، وعششت البدعة، فيحتفل معهم، ويخطب فيهم، ولا ينطق ببنت شفه في الأمر بالتوحيد أو السنة أو إنكار الشرك والبدعة، ومن ذلك خطبته في حفل عند ضريح ما يسمى بالسيدة زينب، كما نقل ذلك السيسي في قافلة الإخوان ، لم يتكلم فيه بحرف في الأمر بالتوحيد والسنة أو النهي عن الشرك أو البدعة، ومنها أيضاً خطبته في الاحتفال بأحد طواغيت الطرق الصوفية، ألا وهو محمد عثمان الميرغني، ومما قال في تلك الخطبة: نحن الإخوان مدينون للسادة الميرغنية بدين المودة الخالصة والحفاوة البالغة التي غمرونا بها من قبل ومن بعد، … لكنه دين قديم منذ نشأت هذه الدعوة بالإسماعيلية، فقد كان أول أنصارها والمجاهدون لتركيزها الإخوان الختمية الميرغنية ولقد حضرت عام 1937م حفلاً للإسراء والمعراج في زاوية وخلوة السيد الميرغني الكبير بالإسماعيلية، وهي لا تزال قائمة ولازلت أذكر أخانا هناك فالقلب الختمي والتأييد الختمي يسير مع الدعوة منذ فجرها وسماحة السيد عثمان الميرغني الكبير ووارثه السيد محمد عثمان هو أول من حمل هذا اللواء وبشر به.ا.هـ
ومن منهج الجماعة العام التي كان يسبر عليها البنا وأتباعه: الاحتفال بالمناسبات الصوفية البدعية كالمولد والهجرة وغير ذلك. ا.هـ
ومن ذلك قول مرشد الإخوان في سوريا، مصطفى السباعي، وهو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما يستغيث أحدنا بربه:
يا ســــــيدي ياحـبيب الله جئت على *** بابك أشـكــو البرح من سـقمـي
ياسيدي قد تمادى السقم في جسدي *** من شدة السقم لم أغفل ولم أنم
والله يقول: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (فاطر:14)
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (لأعراف:194)
وقال سبحانه: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً) (الاسراء:56، 57)
وهذه ليست زلة واحدٍ منهم بل هو منهجهم العام الذي يسيرون عليه، كما صرح بذلك عباس السيسي في كتابهم (قافلة الإخوان)، حيث يقول –متبجحاً بهذا المنهج المعوج-: صدر قرار بحل جماعة الإخوان عام 1948م، ومنعوا من مزاولة نشاطهم وضيق عليهم، فاتجه شباب الإخوان إلى مساجد أنصار السنة، يمارسون فيها نشاطهم في الدعوة إلى الله تعالى، حيث لم يصدر قرار بحل جماعتهم التي تلتزم قانوناً بعدم التدخل في الشؤون السياسية، كما أن لها أسلوباً في الدعوة يخالف يختلف عن أسلوب الإخوان وشمول دعوتهم، وحيث ألغي قرار حل جماعة الإخوان عاد إليها بعض الإخوة متأثرين بأسلوب أنصار السنة في الدعوة، فكانوا دائماً مشغولين بحماس شديد بتحريم الصور وحكم لبس الذهب للرجال وزيارة القبور ، ومثل هذه الأشياء التي تستولي على خطبهم، ونقاشاتهم وفتحوا بذلك باباً للمناقشة، والجدال استغرقت جهود الإخوان داخل الدار، وعاش الإخوة مع هؤلاء فترة من الصراع الفكري، تجلى فيها اختلافنا في التصور والسلوك، حتى إن الإخوة لم يجدوا بداً من مواجهتهم بصراحة ووضوح: بأننا هنا في دار الإخوان المسلمون المحددة أغراضهم ووسائلهم وتعاليمهم وشمول أفكارهم، فمن كان يؤمن بما يؤمن به الإخوان فهو منهم، ومن كان يؤمن بأفكار أخرى غير أفكارهم فعليه أن ينصرف إلى المحيط الذي يتلاءم مع أفكاره، وأوضحنا لهم أننا لن نسمح في دارنا لمن يخالف اتجاهنا بإحداث مثل هذه البلبلة الفكرية، وأُوصد بعد ذلك هذا الباب وانطلق الإخوة يؤدون رسالتهم دون مراء أو إضاعة للوقت فيما لا يجدي ولا يفيد. ا.هـ
قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف: 103-10).
وأخيراً أقول مذكراً ومخوفاً بالله: لا يجوز أن يوصف من يرد على دعاة الباطل وأصحاب العقائد الفاسدة بأنه يفرق الناس، بل الرد على المخالف أصل من أصول الإسلام وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل عده علماء الإسلام من الجهاد في سبيل الله، بل عده بعضهم أفضل من الجهاد بالنفس، قال ابن تيمية: "فالراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد" ، وقال رحمه الله: "إذا كان النصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة، مثل: نقلة الحديث الذين يغلطون، أو يكذبون،… ومثل بيان مقالات أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: (إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل)، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم وأنه من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله، ودينه، ومنهاجه، وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء، لفسد الدين،وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء".ا.هـ.
(والذين يلوون ألسنتهم باستنكار نقد الباطل وإن كان في بعضهم صلاح وخير، لكنه الوهن، وضعف العزائم حيناً، وضعف إدراك مدارك الحق ومناهج الصواب أحياناً، بل في حقيقته من التولي يوم الزحف عن مواقع الحراسة لدين الله، والذب عنه، وحينئذٍ يكون الساكت عن كلمة الحق كالناطق بالباطل في الإثم.
قال أبو علي الدقاق: الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق.
والنبي صلى الله عليه وسلم يخبر عن افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والنجاة منها لفرقة واحدة على منهاج النبوة، أيريد هؤلاء اختصار الأمة إلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التمايز العقدي المضطرب؟؟!
أم أنها دعوة إلى وحدة تصدع كلمة التوحيد فاحذروا.
وما حجتهم إلا المقولات الباطلة:
لا تصدعوا الصف من الداخل.
لا تثيروا الغبار من الخارج.
لا تحركوا الخلاف بين المسلمين.
نلتقي فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وهكذا….
وأضعف الإيمان أن يقال لهؤلاء: هل سكت المبطلون لنسكت، أم أنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأى ومسمع ويُطلَبُ السكوت؟ اللهم لا..
ونعيذ بالله كل مسلم من تسرب حجة يهود، فهم مختلفون على الكتاب، مخالفون للكتاب، ومع هذا يظهرون الوحدة والاجتماع وقد كذبهم الله تعالى فقال سبحانه: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) (الحشر: من الآية14)، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (المائدة:79)، فلا بد لشدة الاعتقاد الإسلامي الصافي من كل شائبة: من كشف زيوف العداء والاستعداء، وحراسة الصف من الداخل كحراسة من العدو الخارج سواء {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: من الآية103)، فنحن ولله الحمد على أمر جامع في الاعتقاد على ضوء الكتاب وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلابد من لازم ذلك بالذب عن الاعتقاد، ونفي أي دخيل عليه، سيراً على منهاج النبوة، وردعاً "لخفراء العدو"، واستصلاحاً لهم.
وهذا أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ومنه نقضهم على أهل الأهواء أهواءهم في حملاتهم الشرسة، وهزاتهم العنيفة ليبقى الاعتقاد على ميراث النبوة نقياً صافياً.
وإن المؤمن للمؤمن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في الفتاوى (28/53):
المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهم الأخرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة، ما نحمد معه ذلك التخشين. انتهى
فعلى أهل العلم والإيمان التيقظ لتلك الأقلام {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}(لأنفال: من الآية12) وكل يقوم بهذا الواجب حسب وسعه وطاقته على منهاج الشريعة، والنصح لكل مسلم ميثاق نبوي).
نسأل الله بمنه وجوده أن يصلح حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يردهم إلى توحيده وسنة نبيه، والحكم بشريعته، وأن ير فع عنهم الذل والهوان، إنه سميع مجيب.
كتبه
مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بالرياض بحي العزيزية
حمد بن عبدالعزيز بن حمد ابن عتيق
18/2/1441هـ

بارك الله فيك

يسلموااااااااااااااااااااااا

خليجية المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سـد اللـيل ـيم خليجية
بارك الله فيك

وفيك بارك الله أختي سديم الليل

خليجية المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماء الحب خليجية
يسلموااااااااااااااااااااااا

بارك الله فيك

تسلمين الغالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.