أنا مالك أسرع طفل في العالم ، سأصبح العدّاء الأول حينما أكبر ، و لا يمكن أن يسبقني أحد حينها ، أنا متأكد .
و أنا أحب أن أمتلك نظرات الجميع بحركاتي الخفيفة و السريعة ، و لا أقبل أن ينشغل أحد عني فسرعان ما أركض لأبتسم في وجهه ، فمرة كنت في المسجد ، و الإمام أعلن عن صلاة العشاء عن طريق الآذان طبعا ، فركضت كالبرق في مقدمة المسجد و بدأت أقفز بخفة أمام الجميع و الكل كان يبتسم لي ، لكن أبي بدأ يركض خلفي و أنا أركض و لكنه أمسك بي و أخذني إلى أمي و قال لها : غيداء لا أريد أن أرى مالك عند مصلى الرجال ، أرجوكِ .
أخذتني أمي إلى مصلى النساء و أغلقت الباب و صلت بالقرب من الباب حتى تحكم إغلاقة و بدأت تصلي مع الإمام .
نظرت حولي و بدأت أفكر لألفت نظر المصلين ، ففقعت في رأسي فكرة بدأت أركض و أقفز أمام المصليات بأطراف أصابعي ، لكن ليس كل المصليات من نظرن إلي ثم جلست و أحسست بالملل فالإمام أطال في الصلاة ، إلى أن رأيت حقيبه أحد الاخوات فبدأت أتسلى بها ، ففتحتها و بدأت أعبث يمحتوياتها لأكتشف ما بداخلها ، أخرجت هاتفاً محمولاً و بدأت أدوس على أزراره التي كانت تخرج أصواتاً جميلة ،مممممممممم لا يوجد عند ماما هاتفاً محمولاً ، سأطلب من أبي لاحقا أن يحضر لماما واحد ، و أخرجت قلماً و دفتراً ، و أخرجت حقيبة نقودٍ صغيرة بدأت أتصفح بأناملي الصغيرة ما فيها ! و رأيت علكة " لبانه " فبدأت أقشّرها ، أكلت اللبانه و رميت القشرة على الأرض .
و ما أن سمعت قول الإمام : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
هذه تعني للمصلين أن الصلاة قد إنتهت ، و تعني لنا نحن الصغار أن نهرب من أمام أمهاتنا لأننا لا بد قمنا بكسر القوانين و هن منهمكات في الصلاة
أسرعت و وضعت كل شيء في الحقيبة و ركضت بسرعه البرق لأفتح الباب و أفرّ من قبضة أمي .
أما أمي فذابت خجلا من تلك المرأة و بدأت تعتذر لها و تتأسف .
بدأ الإمام الدرس و الكل منهمكٌ يستمع إلى الإمام ، كان علي أن أتدخل لأكسر الجمود ، فبدأت بالإمام ، أمسكت بقميصه و قلت : سمكة في البحر .
إبتسم في وجهي و ربت على رأسي و أكمل درسه !
لا بد أن أعيد الكرة فلربما لم يسمعني فأمسكت بقميصه مرة أخرى و قلت : سمكة في البحر .
ربت على رأسي مرة أخرى و أكمل !
لا بد أن أجعله يسمعني بطريقة أخرى! أمسكت بقميه و صرخت : سمكة في البحر .
ربت على رأسي و نظر إلى أبي نظرة غاضبة ، فأسرع والدي ليمسكني بدأت أركض و هو يركض خلفي أمام الناس و أمسكني و حملني و إلى أمي و قال :غيداء لا أريده فوق أثناء الدرس .
و صعد ليكمل الدرس لكن أمي لم تنسى فعلتي وفأمسكت بأذني و قالت بغضب : لماذا فتحت حقيبة ليست لك ! هذا عيب إياك أن تعيدها مرة أخرى فاهم .
نظرت إليها ببراءة و قلت : فاهم .
و أغلقت أمي الباب ، أما أنا فبدأت ألعب و أركض ، و لكني رأيت حقيبة أجمل و تلمع و كأنها هي من نادتني فبدأت أفتحها ، أما أمي أسرعت و أغلقتها و أرجعتها لصاحبتها و أمسكت بأذني و جرّتني بعيداً عن الأخوات و قالت بغضب أكبر : لا تفتح حقيبة لأحد عيب فاهم .
نظرت إليها براءة و تصنّعت الخوف و قلت : فاهم .
و أعدت الكرّة فأمسكت بيدي و أخذتني إلى الزاوية و ضريتني على يدي و أعادت نفس الكلام فقلت لها فاهم .
لقد أصبحت أكثر حذرا فكلما إقتربت إلى حقيبة أحدهم ركضت إلي .
إنتبهت إلى أمي كانت مشغولة بأمر ! فتسحبت بأطراف أصابعي و ركضت إلى حمام الرجال بعيداً عن قبضة أمي و أبي فلمحت مكان وضوء الرجال فأردت أن أتوضأ ، و فتحت الماء و بدأت أغسل يدي و قدمي و لكني نزلت تحت صنبور الماء فهذه طريقة أسهل و أمتع للوضوء ، لا بدّ أن أعلّمها لأبي لاحقاً، لكن تبللت كل ملابسي ، وأكتشف أمري أحد الشباب و حملني إلى والدى الذي حملني إلى أمي غاضبا .
طبعا ضربتني أمي عند الزاوية نفسها و جعلتني أبدل ملابسي ، هل تظنون أني لن أعيد الكرة !أظن أن على المهندسين أن يبنوا المسجد بحائط دائري، حتى لا تجد الأمهات زوايا يضربون أطفالهم بالقرب منها .
و ما أن إنتهى الإمام حتى أرسلتني لوالدي و قالت : الحمد لله جاء دورك إنتبه على إبتك الآن .
أراد والدي أن يعطيني قطعه حلوى من طبق التقديم إسمه براوني على ما أظن ، كان من المفروض أن ينادوه بلاكي ! لأنه أسود اللون و ليس بنياً !
فبصقت اللقمة لأنها لم تعجبني و رميتها بنفس الطبق الذي يأكل منه الجميع فغضب بابا و أخذ اللقمة و مشى بعيدا بي بعد أن إحمرّ وجهه .
ثم تسحبت إلى الحمام لأتوضأ مرة أخرى و و خرجت مبللاً لكني نسيت أني ألبس حذاء الحمام عندما خرجت و إنتهيت من الوضوء ! و مشيت إلى أبي ! الذي حملني بغضب و أخذني إلى المنزل و هو غاضب جداً من فعلتي فلقد همّ كل من في المسجد أن يتشاجر مع والدي وكان العقاب شديدا في المنزل .
هل ما كانت تفعله ماما كان صحيحا ؟
فهل عندكم حل معي فلا يمكن للمغتربين و المغتربات أن يبتعدوا عن المسجد برغم المشاكل التي نعملها نحن الأطفال ؟