اقرئي …… للآخــــــــــــــــر …..والأمــــــر يرجعلج انتي قبل أي حد ….. الصحة اليوم ببلاش وباااجر ما حد يعرف
«الطب البديل» يغزو الفضائيات والبيوت بـ «وصفات جاهزة»
بيروت- إبراهيم حيدر
الى ذلك تبث بعض الشاشات محاضرات في «الطب البديل»، حيث تقدم مريم نور نفسها على انها تعرف كل شيء من الحاضر والغائب في العلاجات وأنواع الأمراض وطرق تلافيها بالمعرفة الشخصية. أما زين الأثاث فيقدم مستحضرات لجميع أنواع الأمراض محذراً من التزوير، فيما تنافسه مستحضرات «أتات» الجديدة. لكن القائمة لا تقف عند هذه الحدود، فتشمل «أمانة كير» و«جوجوبا» وغيرها، إضافة الى العلاج بالحجامة، ثم «الطب المدمج» الذي يجمع بين طب الأعشاب والتقنيات الحديثة، فضلاً عن أن البعض يروج لأعشاب طبية يقول إنها «تشفي من الأمراض المزمنة». كما إن هناك العطارين الذين يصفون أنواعاً من الأعشاب «الكفيلة» بمعالجة كل الأمراض.
كل المستحضرات التي تدخل ضمن التداوي بالأعشاب تباع في محال تجارية خاصة باسم المنتج، فيما يبيع عدد من التجار أنواعاً من الأعشاب المجففة والمكشوفة في إطار ما يسمى «الطب الشعبي»، بينما يشدد أصحاب مداخلات الطب البديل على اتباع طرق معينة في العلاج ويفتون بصلاح مواد للاستهلاك أو ضررها. ويبرز أيضاً الطب التجانسي الذي يركز على الناحيتين الجسدية والنفسية. وفي كل الحالات تباع المنتجات من دون استشارة طبية، لأن معظم الذين يمارسون هذه الطب البديل غير حائزين على شهادات علمية في علوم البيولوجيا أو الصيدلة أو الكيمياء، انما يعملون انطلاقاً من خبرات تعاملهم مع الأعشاب.
مغالطات
غالباً ما يتم الخلط بين أنواع الطب غير الحديث. فهناك خلط بين الطب البديل وطب الأعشاب. ففي لبنان حيث تنتشر ظاهرة التداوي بهذه الأنواع من الطب، من خلال التسويق يتم وضع كل من الطب اللاعصري أو غير الحديث تحت عنوان الطب البديل، ما يعني بحسب عضو لجنة الصحة النيابية اللبنانية والطبيب المتخصص بالجهاز الهضمي الدكتور اسماعيل سكرية «إلغاء الطب الحديث والاستعاضة عنه بأنواع من الطب البديل، فهذه التسمية تحتاج في الأساس الى توضيح». ويقول سكرية لـ «أوان»: «قد تكون هناك مساحة في أشكال الطب خارج الطب العلمي لبعض أنواع المرض التي يغلب عليها الطابع الوظيفي وليس العضوي. ومن بينها علاج بعض آلام الظهر والعضلات في الإطار الوظيفي، إنما لا تستطيع معالجة الأمراض الواضحة كالتصلب اللوحي مثلاً. كذلك يمكنها أن تعالج وظيفياً المصران العريض الذي تهدئه بعض أنواع الأعشاب الطبيعية. لكن ما يسمى بالطب البديل حُمِّل أكثر بكثير من حقيقته وتحول الى تجارة رائجة وبيزنس».
على أن الطب البديل مسألة أكثر تعقيداً بالنسبة لرئيس اللجنة الإعلامية في مجلس نقابة أطباء لبنان الدكتور نبيل خراط، والذي يتولى متابعة ملف طب الأعشاب في النقابة، حيث تدور حول الطب البديل إشكاليات كبرى، إذ يقع في مجال من السهل أن يتجه نحو الشعوذة والغيبيات، ولذلك تنبغي مناقشة بعض جوانبه علمياً.
أما الذين يتعاطون الطب البديل فيعرفونه على أنه عبارة عن مجموعة مهن صحية مبنية على علم طبي قائم بذاته لكل منها، معتمدة على التشخيص الدقيق من خلال الفحص الشامل، ومراعيةً الحالة النفسية والعقلية إضافة للحالة الجسدية، مطبقة المبادئ العلاجية لكل منها. وقد تستخدم الماء والكهرباء والأشعة والليزر والحرارة والمساج والمعالجة اليدوية والأعشاب والزيوت الطبية والأدوية الطبيعية. وفي هذا الطب علاجات يغلب فيها التحكم العقلي على الجسد كاليوغا والتنويم الإيحائي، كالعلاج الكهرومغناطيسي وقد يستخدم المغناطيس الثابت أو المتردد، وغالبية الاستعمالات هي في علاج الكسور العظمية وجروح مرضى السكري، وفي علاج الأعصاب وترميم الخلايا، وتستخدم لرفع كفاءة الجهاز المناعي للإنسان. ثم العلاج البديل المنهجي مثل (الطب الصيني بفروعه: المساج ،الكيّ، الحجامة ،الوخز بالإبر الصينية) الطب الطبيعي( الناتشرال) الطب البيئي. إضافة الى العلاج اليدوي مثال ذلك الاستيوباثي والكريوبراكتك وهي عملية تعديل المفاصل، المساج بأنواعه المختلفة، والعلاج الطبيعي.
فوضى وتكلفة باهضة
يبدو أن الطب الأكثر تداولاً اليوم في لبنان بين أنواع الطب غير الحديث، هو طب الأعشاب، لكن يظهر أن ممارساته العشوائية تفتقر في معظم الأحيان إلى الدقة، أو إلى سند مقنع، على رغم من التسويق الكثيف والدعاية الإعلانية التي تتبناها وسائل إعلام كثيرة.
على أن أوساطاً طبية تشير الى انفلاش إعلاني غير مسبوق يتناول أمور الطب والصحة من دون ضوابط علمية وأخلاقية، وخصوصاً أن الذين يظهرون على الشاشات موزعين الاستشارات الطبية الشكلية، والمداواة بالأعشاب من دون الأخذ في الاعتبار القواعد الصيدلانية، والترويج للعلاج عن أمراض مستعصية كالسرطان بطرق لم تثبت علمياً، يعتبرون بحسب القانون، منتحلي صفة. إضافة الى وجود برامج تخالف الآداب الطبية، وخصوصاً المادة 16 من قانون الآداب في الإعلام الدعائي والتي تنص على عدم جواز استغلال مهنة الطب لغرض تجاري.
لكن مروجي طب الأعشاب وأنواع أخرى من العلاجات، يستندون الى المرسوم رقم 11710 الذي صدر في لبنان العام 1998، وهو المرسوم الذي حرر مستحضرات الأعشاب كمتممات غذائية من سلطة قانون مزاولة مهنة الصيدلة الذي ينظم سوق الدواء، ووضعها في عهدة وزارة الاقتصاد، كما يقول الدكتور اسماعيل سكرية، فأصبحت الأعشاب والمتممات الغذائية تستورد على يد أي كان من المواطنين، مشيراً الى أن الوزارة المسؤولة عن صحة الناس تعطي رخصاً لأي كان. فأصبح هذا الأمر سبباً في انتشار جميع أنواع الأعشاب والمتممات الغذائية.
وهذا الأمر أوضحه وزير الصحة اللبناني المستقيل الدكتور محمد خليفة، حين قال إن المتممات الغذائية المعروفة بالفيتامينات موضوع موجود في وزارة الصحة من خلال مرسوم منذ عشرات السنوات، علماً أن المرسوم عادة لا يمكن للوزير أن يلغي مفاعيله لأنه تفسير لقانون، إنما باستطاعته إلغاء قرار. ولفت الى أنه عندما تسلم وزارة الصحة ارتأى وضع تعديل أو إلغاء لهذا المرسوم 11710، فكانت الطريقة الفضلى ضمن الصلاحيات المعطاة له هي وضع قرارات توقف مفاعيل المرسوم بالشكل السلبي.
وأوضح خليفة «أن موضوع طب الأعشاب مشكلة عالمية يجب السعي إلى تنظيمها لأنها موجودة منذ القدم، وهي مشكلة ليست محصورة في لبنان إنما في العالم كله. القانون موجود والضوابط أيضاً والوزارة لديها متابعة مستمرة لكل الأمور والشكاوى التي ترد في هذا الخصوص، علماً أن أسعار هذه المنتجات مرتفعة جداً، والمسألة ليست مسألة فقر أو كلفة علاج. فمثلاً بلغت كلفة علاج من السرطان 35 ألف دولار وفق شكوى وردت إلى الوزارة. من هنا أهمية موضوع التوعية والتركيز على أن أي ممارسة طبية خارج موضوع الآداب العلمية تلحق الضرر بصحة المواطن.
أخطار طبية وقانونية
في طب الأعشاب الذي يمارس طبياً وإعلانياً وإعلامياً، يوضح الدكتور نبيل خراط أن هناك نوعين: أعشاب مبرر استعمالها ومدروسة علمياً ومعدة على نحو ثابت. وعلى سبيل المثال هناك دواء ألماني للسعال من الأعشاب البحتة، لكن النقطة التي يتجرعها المريض يعرف ما في داخلها وأي نوع من العشب، إضافة الى معاييره. وهناك أدوية أعشاب ألمانية وسويسرية مسموحة ومبرر استعمالها، وتوجد أيضاً أدوية حائزة على ترخيص من وكالة التغذية والأدوية الأميركية FDA التي تمنح شهادة للدواء. أما في لبنان فإن أدوية الأعشاب تفتقد في معظمها الى العلم بالكامل، في الوقت الذي تستند الى الترويج الدعائي والإعلاني، وتسوق من دون معايير، وهي غير مدروسة.
ويلفت خراط الى أن الدواء يجب أن يكون بمعايير محددة، فالجرعة إذا لم تكن مدروسة تضر بنواحي أخرى وبأمراض موروثة، إذ إن استعمال دواء العشب ليس فقط للإفادة، بل يجب أن نتأكد بأنه غير ضار، ويتساءل عن الدراسات والاختبارات للدواء العشبي، حيث أن أي دواء يجب أن يمر بمراحل من التجارب على الحيوان. أما الخطورة الأكبر ،في رأي خراط، فهي التسويق والترويج السائد للعلاج بالأعشاب، كمدخل الى ترويج أشخاص غير أطباء يصفون الدواء على الهواء لأوجاع البطن وغيرها من الحالات، والتي تؤدي الى أضرار.